وقال أيضا في فضل الإرادة مما سيأتي على قول المؤلف: وتوطين النفس ..إلخ بنه يلزم لذلك قدم العلم المستلزم لكونه تعالى غير مختار المستلزم للكفر كما قال وفيه ما ستعرفه موضحا إن شاء الله تعالى ثم أنه لما بلغ إلى البحث والكلام في تعليل أفعال الله تعالى وتكلم على قوله عزوجل: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} صرح بالعناية التي قال بها الفلاسفة تقريفا منهم على الإيجاب وهو متابع في ذلك للعضد كان قد أشار إلى هذه العناية في أول شرحه للمختصر الحاجبي حيث قال: وبعد فإن من عنايات الله بالعباد أن شرع الأحكام..إلخ، يعني أن شرع الأحكام وبيان الحلال من الحرام ليس لأجل مرجح ناشئ من جهة الأحكام والأفعال الموصوفة بأنها حلال وحرام ولا حسن ولا قبح عقلا، وإنما كان ذلك المشرع ييخص بالعناية التي يقول بها الفلاسفة، وربما عرفوها بأنها تمثل العالم من الأزل إلى الأبد في العلم السابق، هذا تعريفهم وهم لا يثبتون الإرادة كما لا يخفى، وإنما يقولون من الممكنات العلوية والسفلية إنما تؤخذ على حسب ما سبقت به هذه العناية بلا قصد ولا اختيار، فالعضد جرى على منوالهم في قوله: وبعد فإن من عنايات الله تعالى بالعباد ...إلخ، أي أن الأحكام الشرعية بمعزل عن قصد الشارع واختياره، وهذا مراد العضد، وقد ينكره الجاهل تعاضدا ضد القوم وقواعدهم وإنكاره مجرد استبعاد خال عن الاستعداد، كيف والأحكام عبارة عن الخطاب القديم فمن أين يتصور الاختيار في الشرع فافهمه، وسيأتي التذكير بذلك في موضع يليق به إن شاء الله تعالى، ثم إنه لما بلغ المعترض إلى البحث في مسألة القرآن صرح بما يلزم منه قدم العالم، فانظر ما قاله في الكلام على قوله تعالى: {أن يقول له كن فيكون} وسنوضحه هنالك إن شاء الله تعالى فقد زاد على الأصحاب وتظاهر لما لم يتظاهر وأنه من الفلسفة والإيجاب.
পৃষ্ঠা ৬০