ومنها ما يجوز خلوها منه قبل حلوله فيه وبعد حلوله لا يجوز خلوها عنه أو عن ضده وذلك كل عرض باق له ضد كالألوان والطعوم ونحوهما، فأما المصنف فقد أشار إلى ما ذكرنا عن الزيدية ومن وافقهم بقوله: لم يخل من الأعراض المحدثة التي هي الحركة والسكون إلى آخره.
وأماالأصل الرابع: وهو أن ما لم يخل من المحدث ولم يتقدمه فهو محدث مثله. فهذا هو مذهبنا وهو الذي عليه أهل العدل وأكثر ملل الكفر، وقال قوم من الفلاسفة: الجسم قديم مع أنه لم يخل من الأعراض المحدثة ولم يتقدمها وحرر لهم ابن الراوندي لعنه الله شبهتهم لتقرير مذهبهم بأن قال إن الجسم لم يخل من حادث وقبل الحادث حادث وقبله حادث إلى ما لا نهاية له وذكر أن جملتها قديمة وآحادها محدثة فالجسم لم يخل منها وهو مقارن لأولها والأول لا أول له وكان الجسم قديما.
والجواب: أنا إذا علمنا أن الجسم لم يخل من الأعراض وأنه لم يسبقها كما تقدم ذلك في الدعوى الثالثة وهي محدثة كما تقدم في الدعوى الثانية لزم حدوثه لأن الجسم لا يخلو إما أن يوجد قبلها أو معها أو بعدها والأول باطل لما بينا من أنه لم يتقدمها والأخيران يلزم منهما حدوثه لأن ما وجد مع المحدث أو بعده فهو محدث، وقول ابن الراوندي أن آحادها محدثة وجملتها قديمة باطل ،لأن صفتي القدم والحدوث يرجعان إلى الأجزاء وهي الآحاد فإذا كانت محدثة كانت الجملة كذلك فثبت بما قررناه من الأصول الأربعة أن هذه الأجسام محدثة وبطل قول من قال بقدمها، وبقي أن يقال قلتم والمحدث لابد له من محدث والمطلوب بيان دليله.
পৃষ্ঠা ৩৬