والجواب: أنه لو جاز خلو الجسم من الأعراض فيما مضى من الزمان لجاز خلوه عنها الآن لأن مرور الزمان لا تأثير له فيما يجب للجسم أو يجوز أو يستحيل، ألا ترى أن الجسم لما وجب له التحيز وجب له في كل مكان وزمان ولما جاز عليه التنقل جاز في كل مكان وزمان ولما استحال عليه كونه في جهتين في حالة واحدة استحال عليه في كل زمان ومكان ومعلوم قطعا أنه لا يجوز خلوه عنها الآن، إذ لو جاز ذلك لم يمتنع أن يكون كثير من الأجسام موجودة وهي غير متحركة ولا ساكنة وقد علمنا أن من جوز ذلك فقد كابر حكم عقله، ولو@ أخبرنا مخبر أنه شاهد أجساما في بعض البلاد القاصية وهي غير متحركة ولا ساكنة لتبادر العقلاء إلى تكذيبه من غير توقف في أمره فتقرر أن الجسم لا يخلو من الأعراض المحدثة.
وأما القول بالهيولى والصورة فقول غير صحيح لأنهما قديمان عندهم، فليس أحدهما
بأن يكون صورة والآخر هيولى أولى من خلافه وهذه التسمية عندهم موضوعة لإفادة معنى مختلف، ولهذا كان أحدهما حالا والآخر محلا، فأما إن كانت التسمية لقبا فلا ضير عليهم في ذلك .
تنبيه:
اعلم أن إطلاق القول بأن الأجسام لا تخلوا من الأعراض المحدثة كما هو واقع في عبارات كثير من أصحابنا، لا يخلوا من تسامح، لأن الذي عليه الزيدية والمعتزلة جميعا وأكثر الفرق، التفصيل وهو أن يقال الأعراض باعتبار وجودها في الجسم وعدمها على ثلاثة أضرب :
منها ما لا يجوز خلو الجسم عنه لكل حال وهي هذه الأكوان فإنه لا يجوز خلوها عنه بحال.
ومنها ما يجوز خلوها عنه بكل حال وهو كل عرض غير باق أو باق ولا ضد له، فغير الباقي كالإرادة والاعتقاد والأصوات ونحو ذلك، والباقي ولا ضد له كالقدرة والحياة والتأليف.
পৃষ্ঠা ৩৫