হুলাল সুন্দুসিয়্যা

শাকিব আর্সলান d. 1368 AH
136

হুলাল সুন্দুসিয়্যা

الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)

জনগুলি

وفضائل أهل قرطبة أكثر وأشهر من أن تذكر، ومناقبهم أظهر من أن تستر، وإليهم الانتهاء، في السناء والبهاء، بل هم أعلام البلاد، وأعيان العباد، ذكروا بصحة المذهب، وطيب المكسب، وحسن الزي في الملابس والمراكب، وعلو الهمة في المجالس والمراتب، وجميل التخصص في المطاعم والمشارب، مع جميل الخلائق، وحميد الطرائق، ولم تخل قرطبة قط من أعلام العلماء، وسادات الفضلاء، وتجارها مياسير، لهم أموال كثيرة، وأحوال واسعة، ولهم مراكب سنية، وهم علية، وهي في ذاتها مدن خمس، يتلو بعضها بعضا، بين المدينة والمدينة، سور حاجز، وفي كل مدينة ما يكفيها من الأسواق والفنادق والحمامات وسائر الصناعات ، وفي طولها من غربيها إلى شرقيها 3 أميال، وكذلك عرضها من باب القنطرة إلى باب اليهود بشمالها ميل واحد. وهي في سفح جبل مطل عليها يسمى جبل العروس، ومدينتها الوسطى هي التي فيها باب القنطرة.

وفيها المسجد الجامع، الذي ليس بمساجد المسلمين مثله، بنية وتنميقا، وطولا وعرضا، وطول هذا الجامع مائة باع مرسلة، وعرضه 80 باعا،

458

ونصفه مسقف ونصفه صحن للهواء، وعدد قسي مسقفه 19 قوسا، وفيه من السواري، أعني سواري مسقفه، بين أعمدته، وسواري قبلته، صغارا وكبارا، مع سواري القبة الكبرى وما فيها: ألف سارية. وفيه 113 ثريا للوقيد، أكبرها واحدة منها تحمل ألف مصباح، وأقلها تحمل 12 مصباحا. وسقفه كله سماوات خشب مسمرة في جوائز سقفه، وجميع خشب هذا المسجد الجامع من عيدان الصنوبر الطرطوشي،

459

ارتفاع حد الجائزة منه شبر وافر، في عرض شبر إلا ثلاثة أصابع، في طول كل جائزة منها 37 شبرا، وبين الجائزة والجائزة غلظ جائزة. والسماوات التي ذكرناها هي كلها مسطحة، فيها ضروب الصنائع المنشأة من الضروب المسدسة والموربى! وهي صنع الفص وصنع الدوائر والمداهن، لا يشبه بعضها بعضا، بل كل سماء منها مكتف بما فيه من صنائع قد أحكم ترتيبها، وأبدع تلوينها بأنواع الحمرة الزنجفرية، والبياض الاسفيذاجي، والزرقة اللازوردية، والزرقون الباروقي، والخضرة الزنجارية، والتكحيل النفسي، تروق العيون، وتستميل النفوس، بإتقان ترسيمها، ومختلفات ألوانها وتقسيمها. وسعة كل بلاطة منها، أعني من بلاطات مسقفه 33 شبرا، وبين العمود والعمود 15 شبرا، ولكل عمود منها رأس رخام وقاعدة رخام. وقد عقد بين العمود والعمود على أعلى الرأس قسي غريبة، فوقها قسي أخر، على عمد من الحجر المنجور متقنة. وقد جصص الكل منها بالجص والجيار، وركبت عليها نحور مستديرة ناتئة، بينها ضروب صناعات الفسفس بالمغرة. وتحت كل سماء منها إزار خشب فيه مكتوب آيات القرآن.

عساكر العرب في حصار قرطبة وهم يتسلقون جدرانها سنة 712 ب.م.

ولهذا المسجد الجامع قبلة يعجز الواصفين وصفها، وفيها إتقان يبهر العقول تنميقها وكل ذلك من الفسيفساء المذهب والملون، مما بعث صاحب القسطنطينية العظمى إلى عبد الرحمن المعروف بالناصر لدين الله الأموي. وعلى هذا الوجه، أعني وجه المحراب، سبع قسي قائمة على عمد، وطول كل قوس منها أشف من قامة، وكل هذه القسي مزججة صنعة القرط وقد أعيت المسلمين والروم بغريب أعمالها، ودقيق تكوينها ووضعها. وعلى أعلى الكل كتابان مسجونان بين بحرين من الفسيفساء المذهب، في أرض الزجاج اللازوردي وتحت هذه القسي التي ذكرناها كتابان مثل الأولين مسجونان بالفسيفساء المذهب في أرض اللازورد، وعلى وجه المحراب أنواع كثيرة من التزيين والنقش، وفي عضادتي المحراب 4 أعمدة اثنان أخضران، واثنان لازورديان لا تقوم بمال. وعلى رأس المحراب خصة رخام قطعة واحدة مشبوكة محفورة منمقة بأبدع التنميق من الذهب واللازورد وسائر الألوان وعلى وجه المحراب مما استدار به حظيرة خشب بها من أنواع النقش كل غريبة.

ومع يمين المحراب المنبر الذي ليس بمعمور الأرض مثله صنعة خشب آبنوس وبقس وعود المجمر، ويحكى في كتب تواريخ بني أمية أنه صنع في نجارته ونقشه 7 سنين، وكان عدد صناعه ستة رجال، غير من يخدمهم تصرفا، ولكل صانع منهم في اليوم نصف مثقال محمدي. وعن شمال المحراب بيت فيه عدد وطشوت ذهب وفضة ومسك لوقيد الشمع في ليلة 27 رمضان المعظم. ومع ذلك ففي هذا المخزن مصحف يرفعه رجلان لثقله، فيه أربع أوراق من مصحف عثمان بن عفان، وهو المصحف الذي خطه بيمينه رضي الله عنه، وفيه نقط من دمه، وهذا المصحف يخرج في صبيحة كل يوم جمعة، ويتولى إخراجه رجلان من قومة المسجد. وأمامهم رجل ثالث بشمعة، وللمصحف غشاء بديع الصنعة، منقوش بأغرب ما يكون من النقش وأدقه وأعجبه، وله بموضع المصلى كرسي يوضع عليه ويتولى الإمام قراءة نصف حزب منه ثم يرد إلى موضعه.

وعن يمين المحراب والمنبر باب يفضي إلى القصر بين حائطي الجامع في ساباط متصل، وفي هذا الساباط 8 أبواب منها 4 تنغلق من جهة القصر، و4 تنغلق من جهة الجامع. ولهذا الجامع عشرون بابا مصفحة بصفائح النحاس وكواكب النحاس، وفي كل باب منها حلقتان في نهاية من الإتقان، وعلى وجه كل باب منها في الحائط ضروب من الفص المتخذ من الآجر الأحمر المحكوك، أنواعا شتى، وأجناسا مختلفة من الصناعات والترييش وصدور البزاة. وفيما استدار بالجامع في أعلاه لتمدد الضوء ودخوله إلى المسقف متكآت رخام، طول كل متكأ منها قدر قامة، في سعة 4 أشبار في غلظ 4 أصابع. وكلها صنع مسدسة ومثمنة، مخرمة منفوذة لا يشبه بعضها بعضا.

অজানা পৃষ্ঠা