وهل أصاب المسلمين ما أصابهم وخصوصا في العصور الأخيرة إلا لضعف تلك العقيدة ووهنها من نفوسها ؟ فحل الجزع منها محل الصبر ، والجبن والخوف محل الشجاعة والإقدام ، واللوم والبخل محل الجود والكرم ، والحقد والغل وحب الانتقام والنزوع إلى النزاع والانقسام محل الحب والحلم ، وسعة الصدر والألفة والوئام وهكذا .
ولو كانت عقيدة القضاء والقدر راسخة في نفوسهم رسوخها في نفوس أولئك الأسلاف الأمجاد فهل يرضون إن يكونوا أما أغناما تباع وتشترى وتساق إلى
المجازر وأما آلة هدم وتخريب؟ أو ليس هذا كله ناشئا عن اعتقاد أن القضاء خيره وشره من العبد لا من الله وان التأثير الفعال في ذلك إنما هو لتلك القوة العتيدة قوة العلم والاختراع وليس وراء ذلك الله من اثر ؟ وقد خفي عن هؤلاء البله أن هاتيك القوات الهائلة إنما هي مخلوقة لله تعالى وليس للعبد فيها إلا اتخاذ الأسباب واتباع مجرى الإلهام الإلهي إلى الوصول إليها وكل من سلك هذا الطريق وصل لا محالة وكل من حاد عنه خاب واخفق كائنا من كان .
من جنايات الجهل بالمسلمين في العصور الأخيرة انهم أساءوا فهم عقيدة القضاء والقدر وظنوها هي الاستسلام والخضوع والخنوع للظلم وتحمل الاستعباد والاسترقاق والقعود والتواكل وإهمال الأسباب .
পৃষ্ঠা ২৪