يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [النحل: ٩٩، ١٠٠]،وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠١، ٢٠٢] .
فقد تبين أن إخلاص الدين لله يمنع من تسلط الشيطان، ومن ولاية الشيطان التي توجب العذاب، كما قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف: ٢٤] .
فإذا أخلص العبد لربه الدين كان هذا مانعًا له من فعل ضد ذلك، ومن إيقاع الشيطان له في ضد ذلك، وإذا لم يخلص لربه الدين، ولم يفعل ما خلق له، وفطر عليه، عوقب على ذلك، وكان من عقابه تسلط الشيطان عليه، حتى يزين له فعل السيئات، وكان إلهامه لفجوره عقوبة له على كونه لم يتق الله.
وعدم فعله للحسنات ليس أمرًا وجوديًا، حتى يقال: إن الله خلقه، بل هو أمر عدمي، لكن يعاقب عليه لكونه عدم ما خلق له، وما أمر به، وهذا يتضمن العقوبة على أمر عدمي، لكن بفعل السيئات لا بالعقوبات التي يستحقها بعد إقامة الحجة عليه بالنار ونحوها.
وقد تقدم أن مجرد عدم المأمور: هل يعاقب عليه؟ فيه قولان:
والأكثرون يقولون: لا يعاقب عليه؛ لأنه عدم محض. ويقولون: إنما يعاقب على الترك، وهذا أمر وجودي.
وطائفة منهم: أبو هاشم قالوا: بل يعاقب على هذا العدم، بمعنى أنه يعاقب عليه كما يعاقب على فعل الذنوب بالنار ونحوها.
1 / 93