ومتى أحضرنا هذا في أخلادنا فقد حسبنا للتناقض حسابه في بعض الأحكام على جمال النساء، فقد تكون المرأة على جملتها موصوفة بالجمال وفيها جانب يخالف معنى الحرية والاتزان، فإنما الحكم الصحيح على جمالها أن يقاس هذا الجانب بمقياسه ولو خالف في الحرية والاتزان ما عداه.
وكذلك يقال في قياس النقص أو العيب كلما شعرنا به ورجعنا إلى سببه، فلن يكون سببه إلا أننا نشعر إزاءه بشيء من التقييد واختلال الميزان.
فتعاب المرأة القصيرة، وإن تمت لها محاسن الوجه والحركة؛ لأنها توحي إلينا الشعور بعائق يصدها عن بلوغ القوام المعهود في النساء.
والمرأة التي تطول كفاها أو قدماها تعاب؛ لأن طول الكف أو طول القدم يوحي إلى النفس أن تتمنى قواما أطول من هذا القوام، فتشعر بالعائق المانع حين تنظر إلى القوام فإذا هو دون ما تتمناه. وليست قلة التناسب هنا هي علة النقص والعيب كما يخطر للذين يحسبون أن التناسب هو الجمال؛ فإن قلة التناسب لا تضايقنا إذا هي لم تقترن بشعور التعويق والامتناع، كما قد رأينا في مثال الزرافة وكلب الصيد.
والقوام الجميل حسن في البياض والسواد على السواء حيثما نظرنا إلى الشكل والحركة دون الألوان والشيات، فإذا تجاوزنا الشكل والحركة إلى الألوان والشيات فالبياض الذي لا يحتبس به شعاع من النور، ولا صبغة من اللون أجمل من البياض. •••
وصفوة القول في ذلك جميعه أن الشعور بالحرية الموزونة هو الشعور بالجمال.
وأن وظائف الأعضاء هي الميزان الذي توزن به الحرية في أجسام الأحياء، من الرجال والنساء.
وأن تكوين المرأة على حسب وظائف أعضائها ملحوظ فيه تكوين المخلوق الذي تحمله في أحشائها، وتكوين المخلوق الذي تستهويه بصلاحها لخدمة نوعها، فجمالها على هذا جمال تابع مضاف وليس بالجمال الذي استقل بالكفاية والتمام. •••
ويلحق بالكلام على جمال المرأة كلام متصل به عن شعور المرأة بالجمال.
فمن سهو الفكر أن يعتقد بعض الناس أن المرأة أخبر بذوق الجمال؛ لأنها جميلة في أعين الرجال.
অজানা পৃষ্ঠা