هذه الشجرة
غواية المرأة
جمال المرأة
تفاوت الجنسين
تناقض المرأة
حب المرأة
أخلاق المرأة
حقوق المرأة
الجنس
الحب
অজানা পৃষ্ঠা
معاملة المرأة
هذه الشجرة
غواية المرأة
جمال المرأة
تفاوت الجنسين
تناقض المرأة
حب المرأة
أخلاق المرأة
حقوق المرأة
الجنس
অজানা পৃষ্ঠা
الحب
معاملة المرأة
هذه الشجرة
هذه الشجرة
تأليف
عباس محمود العقاد
هذه الشجرة
ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين [الأعراف: 19-22].
وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين [البقرة: 35، 36].
رأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون شهية للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان ... ونادى الرب آدم وقال له: أين أنت؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت. فقال: من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ألا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي، هي أعطتني من الشجرة فأكلت. فقال الرب للمرأة: ما هذا الذي فعلت؟ فقالت المرأة: الحية غرتني فأكلت. فقال الرب للحية: لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية، على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك، وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه.
অজানা পৃষ্ঠা
العهد القديم «الإصحاح الثالث، سفر التكوين»
هي القصة الخالدة في الأديان الكتابية.
وهي الرمز الخالد إلى طبيعة المرأة التي لا تتغير: هي تفعل ما تنهى عنه وهي تغري الرجل، وفي كل من هذين الخلقين دليل مجمل على خلائق أخرى مفصلة تنطوي في ذلك الرمز الكبير. •••
قال الشاعر الجاهلي طفيل الغنوي:
إن النساء كأشجار نبتن لنا
منها المرار، وبعض المر مأكول
إن النساء متى ينهين عن خلق
فإنه واجب لا بد مفعول
وقد ألهم هذا الشاعر البدوي - ابن الفطرة وابن البادية - خلاصة قصة الشجرة في بيتيه المطبوعين، وخلاصتها أن المرأة تغري بأكل المر الذي لا يساغ أو لا يسوغ، وأنها تفعل ما تنهى عنه، فهو عندها «واجب لا بد مفعول».
وكل خلق كامن في المرأة يظهر من هذا الولع بالممنوع.
অজানা পৃষ্ঠা
فلم كانت كذاك؟ ألأنها ضعيفة؟ لا، إن قبل ذلك خطوة نخطوها ثم نصل منها إلى هذه الخطوة التالية.
قبل ذلك أنها محكومة، ثم هي محكومة لأنها ضعيفة، وما زال من دأب المحكوم أن يحن إلى التمرد والعصيان، وأن يلتذ المخالفة للمسيطرين عليه؛ لأنه بهذه المخالفة يثبت وجوده أو يستوفي حياته، فهي عنده ضرب من حب الحياة.
وأحب شيء إلى الإنسان ما منعا
كما قيل.
نعم إلى الإنسان كافة لا إلى المرأة خاصة، ولكن المرأة قد خصت بهذه الشهوة لأنها محكومة لا تحكم غيرها إلا من طريق الإغراء، أو تنبيه النفوس إلى ما هو «شهي، بهجة للعيون» كما جاء في العهد القديم. •••
كل خلق من أخلاق المرأة مرموز إليه في قصة «هذه الشجرة»، ومن هنا اخترنا الإشارة إليها عنوانا لهذا الكتاب.
فالولع بالممنوعات خلاصة طبائع المرأة التي تنمي إلى أسباب كثيرة ولا تنحصر في سبب واحد.
ولكن السبب الأكبر منها أنها تؤمر وتنهى كثيرا، وأنها تؤمر وتنهى لأنها أضعف من آمرها وناهيها، ولا تزال معه أبدا بين لذة الخضوع ولذة العصيان، ولعلها لا تعصي إلا لتعود كرة أخرى إلى خضوع أعمق وأشهى من خضوع البداية والارتجال.
ولا تولع المرأة بالممنوع لأنها محكومة وكفى، أو لأنها محكومة لضعفها واعتمادها على من يمنعها.
بل هي تولع بالممنوع لأنها تتدلل، ولأنها تسيء الظن، ولأنها تعاند ، ولأنها تجهل وتستطلع، ولأنها موهونة الإرادة لا تطيق الصبر على محنة الغواية والامتناع.
অজানা পৃষ্ঠা
وكل أولئك عنوان لخصلة أخرى من ورائها: هي خصلة الضعف الأصيل.
هي تتدلل لأن قيمتها موقوفة على غيرها، أو معلقة بنظرة غيرها إليها؛ فهي تحب أن تعرف قيمتها، ولا تعرف قيمتها إلا بمقدار ما تكلف الرجل من الصبر عليها واحتمال الدالة المحببة منها.
والدلال نوع من الإباء، أو نوع من المخالفة والعصيان، وإغراء بتكرار الطلب وتكرار الممانعة ... ويتمنعن وهن الراغبات!
ولو لم تكن قيمتها معلقة بمشيئة غيرها لما كانت بها حاجة إلى الدلال، ولا إلى توابع الدلال من المكابرة والولع بالممنوع. •••
وهي تسيء الظن كما تسيء الظن كل رعية محكومة.
فالرعية التي طال عليها عهد التسلط والحكم تحسب كل أمر من الحاكم شيئا يفيده ولا يعنيها، وتحسب كل نهي من الحاكم مصلحة تهمه ولا تهمها، واجتنابا لمحظور يسوءه ولا يسوءها.
فينبعث منها سوء الظن بداهة وفطرة كلما دعيت إلى فريضة أو نهيت عن محظور.
وتلج بها رغبة المخالفة بغير بحث ولا روية، بل تخالف ولها منفعة في الطاعة؛ لأن المخالفة هوى والمنفعة تفكير، وما زال الهوى في النفوس أقوى عليها من التفكير.
فالمرأة تحسب أبدا أن سيدها ينهاها لأنه يريد أن يستأثر بها ويخشى من المزاحمة عليها، فتلك رغبته إذن لا رغبتها، ومتعته إذن لا متعتها، وهي إذن تنصف نفسها كلما تمردت عليه، وتحقق غرضا لها كلما فوتت عليه غرضا من أغراضه، أو هكذا توحي إليها بداهة المخالفة بغير روية ولا بحث مفيد في حقائق الأسباب. •••
ثم هي تعاند عناد الضعيف.
অজানা পৃষ্ঠা
وعناد الضعيف شيء آخر غير تمرد المحكوم، وإن كان كلاهما قريبا من قريب في العنصر الأصيل.
فالضعيف يتشبث بالحياة لأنه مهدد في الحياة، ومن تشبثه بالحياة تشبثه بالهوى، وتشبثه بالعادة التي يدرج عليها، ويخيل إليه أن الفناء في التحول عنها.
وفي الطفولة تشبث كثير.
وفي الشيخوخة تشبث كثير.
وفي الأنوثة تشبث كثير.
والخاسر على مائدة اللعب يتشبث بالبقاء عليها ولا يطيب له أن يفارقها، وكل أولئك باب من أبواب العناد المطبوع غير عناد المحكوم، أو غير الولع في الخاضع الذليل بالعصيان والإباء.
فهذا العناد وليد الخوف، وذاك العناد وليد الغضب، وليس الخائف كالغاضب في بواعث الشعور. •••
ثم هي تولع بالممنوع لأنها تجهل وتستطلع وتشبه الطفل الناشئ في غريزة الجهل والاستطلاع.
والجهل والاستطلاع مولعان بالهدم قبل الولع بالبناء.
فهما لا يذعنان إلا بعد معرفة يطول تحصيلها، وقبل الوصول إلى تلك المعرفة يأبيان الإذعان ويستريحان إلى الممانعة والتعويق والتحطيم. •••
অজানা পৃষ্ঠা
أما ضعف الإرادة فهو عذاب بين يدي الغواية لا يخلص منه الضعيف إلا بمقارفة الشيء الممنوع، فينتهي بذلك عذاب الفتنة والإغراء والمصابرة والامتناع.
فإذا وضع بين يدي الضعيف قدح من الماء القراح وقيل له: لا تشرب منه، شرب منه وهو غير ظمآن.
لأنه يريد أن يمتنع فتنازعه الرغبة، ويريد أن يكبح الرغبة فيعذبه الكبح، ويريد أن يحتمل العذاب فيعييه الاحتمال. فهو ضعيف مع الرغبة، ضعيف مع الكبح، ضعيف مع العذاب، ضعيف مع هذا التردد كله لا يريحه منه إلا أن يفعل ما نهي عنه، ويفض المشكلة بهذه النهاية.
فهو يشرب الماء القراح لأنه يفض مشكلة الامتناع عنه، لا لأنه ظمآن إلى الماء القراح.
والشيطان حين قال لآدم وحواء:
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين [الأعراف: 20]، قد ألهب في حواء كل علة من علل المخالفة والولع بالممنوع، وسول لها الغواية والإغراء.
فأكلت وزينت لآدم أن يأكل مثلها.
فتمت بذلك صفات الضعف كلها؛ لأن الإغراء علامة المشيئة التي تصل إلى بغيتها من طريق التحسين وإثارة الشهوة في غيرها، لا من طريق الأمر والإخضاع أو من طريق الغلبة بالشهوة الطاغية على شهوة أخرى.
وكأنما لسان الحال الذي تنطق به المرأة في هذا المقام: إنك أيها الرجل تخضعني وأنا أغريك! أنت تخضعني بسلطانك، وأنا أخضعك بما أتيح لك من «شهوة النظر وبهجة العيون». •••
فهذه الشجرة ...
অজানা পৃষ্ঠা
هذه الشجرة التي أكلت منها المرأة لأنها نهيت عنها، والتي طعمت منها ثم أطعمت آدم معها ...
هذه الشجرة هي عنوان ما في المرأة من خضوع يؤدي إلى لذة العصيان، ومن دلال يؤدي إلى لذة الممانعة، ومن سوء ظن، وعناد ضعف، واستطلاع جهل، ومن عجز عن المغالبة، وعجز عن الغلبة بغير وسيلة التشهية والتعرض والإغراء.
وهذه هي قصة «الأنثى الخالدة» كلها في كلمتين.
غواية المرأة
والولع بالإغراء والإغواء أخو الولع بالمخالفة والعصيان.
كلاهما دليل على رجوع الأمر إلى الآخرين.
فالمخالفة دليل على أن المخالف محكوم لغيره، والإغواء دليل على أنه يرجع إلى غيره في العمل ويعتمد عليه.
فهما ثمرتان من «هذه الشجرة» أو هما خصلتان من خصال الأنوثة الخالدة في الصميم.
تتعرض المرأة وتنتظر، والرجل يطلب ويسعى.
والتعرض هو الخطوة الأولى في طريق الإغراء، فإن لم يكف فوراءه الإغواء بالتنبيه والحيلة والتوسل بالزينة والإيماء، وكل أولئك معناه تحريك إرادة الآخرين، والانتظار.
অজানা পৃষ্ঠা
فإرادة المرأة تتحقق بأمرين: النجاح في أن تراد، والقدرة على الانتظار.
ولهذا كانت إرادة المرأة سلبية في الشئون الجنسية على الأقل، إن لم نقل في جميع الشئون.
ولعل كلمة «لا» سابقة لكل نية تمتحن بها المرأة إرادتها وصبرها، فأحوج ما تكون إلى الإرادة والصبر حين تنوي ألا تتقدم ولا تسلم ولا تجيب ولا تطيع.
وهنا تتصل هذه الخليقة فيها بخليقة العناد التي سبقت الإشارة إليها.
وقوام العناد كله أن يقاوم المعاند رغبة الآخرين وعمل الآخرين.
فالإرادة التي تتمثل في العزيمة مذكرة، والإرادة التي تتمثل في العناد مؤنثة، أو هذا هو شأن الإرادتين في غالب الأحوال. •••
وليس للمرأة أن تريد غير هذا النوع من الإرادة لأسباب عميقة في أصول التركيب والتكوين.
وموقف الجنسين من الاستجابة لمطالب النوع يهدينا إلى حكمة هذا الفارق من طريق قريب.
فالذكور من جميع الحيوان قد أعطيت القدرة - بتركيبها الجسدي - على إكراه الإناث لاستجابة مطالب النوع طائعات أو مقسورات.
ولا يتأتى ذلك للإناث على حال من الحالات الجسدية؛ فغاية ما عندهن من وسيلة أن يهجن الرغبة في الذكور، وأن يجعلنهم يريدون ولا يستطيعون الامتناع عن الإرادة.
অজানা পৃষ্ঠা
فهذا الفارق ملحوظ في أعمق أعماق التركيب الجسدي من كلا الجنسين ، منذ نشأ الفارق بين ذكر وأنثى في عالم الحيوان.
وحكمته ظاهرة كل الظهور؛ لأنها هي الحكمة التي توافق بقاء النوع وارتقاء الأفراد جيلا بعد جيل.
فالإغواء كاف للأنثى ولا حاجة بها إلى الإرادة القاسرة.
بل من العبث تزويدها بالإرادة التي تغلب بها الذكور عنوة؛ لأنها متى حملت كانت هذه الإرادة مضيعة طوال مدة الحمل بغير جدوى.
على حين أن الذكور قادرون إذا أدوا مطلب النوع مرة أن يؤدوه مرات بلا عائق من التركيب والتكوين، وليس هذا في حالة الأنثى بميسور على وجه من الوجوه.
وإكراه الأنثى على تلبية إرادة الذكر لا يضير النوع ولا يؤذي النسل الذي ينشأ من ذكر قادر على الإكراه وأنثى مزودة بفتنة الإغواء، فهنا تتم للزوجين أحسن الصفات الصالحة لإنجاز النسل من قوة الأبوة وجمال الأمومة، ويتم للنوع مقصد الطبيعة من غلبة الأقوياء الأصحاء القادرين على ضمان نسلهم في ميدان التنافس والبقاء.
وعلى نقيض ذلك لو أعطيت الأنثى القدرة على الإرادة والإكراه لكان من جراء ذلك أن يضمحل النوع ويضار النسل؛ لأنه قد ينشأ في هذه الحالة من أضعف الذكور الذين ينهزمون للإناث.
وكيفما نظرنا إلى مصلحة النوع وجدنا من الخير له أبدا أن يتكفل الذكور بالإرادة والقوة، وأن تتكفل الإناث بالإغواء والتلبية، بل وجدنا أن فوارق البنية قد جعلت السرور في كل من الجنسين قائما على هذا الأساس العميق في الطباع، فلا سرور للرجل في إكراهه على مطلب النوع، بل هو منغص له مضعف من لذة حسه. أما المرأة فقد يكون استسلامها لغلبة الرجل عليها باعثا من أكبر بواعث سرورها، ولعله أن يكون مطلوبا لذاته كأنه غرض مقصود، بل هو في الواقع غرض مقصود لما فيه من الدلالة على توفق الأنثى إلى إغواء أقوى الذكور، ومن البداهات الفطرية أن تتظاهر المرأة بالألم والانكسار في استجابتها للنوع لأنها تفطن ببداهتها الأنثوية إلى هذا الفارق الأصيل في خصائص الجنسين.
وليس بنا أن ننظر في العدل الطبيعي بين خصائص الذكور وخصائص الإناث، وإنما نسجل هذه الحقائق بالملاحظة الصادقة والدلالة الواضحة ولا يعنينا أن ننصب لها ميزان العدل في توزيع الطبائع والملكات.
ولكننا مع هذا القول نعود فنقول: إن العدل هنا بين الجنسين غير مفقود، وإن القسمة هنا ليست بالقسمة الضيزى.
অজানা পৃষ্ঠা
فإذا قيل: إن الحمل قد جنى على المرأة لأنه خصها بالألم وجعل الإرادة من نصيب الرجل، فلا ينبغي أن ننسى أن الحمل قد أتاح للمرأة مزية فطرية لا تتاح لزوجها على وجه اليقين، وهي ضمان نسلها بغير دخل ولا ارتياب، فكل من ولدت المرأة فهو وليدها الذي يستحق عطفها وحنانها، وليس ذلك شأن الآباء فيمن ينسب إليهم من الأبناء.
وما من أم تسأل عن ألم الحمل إلا تبين من شعورها أنها تستعذبه ولا تتبرم به، وأنها قد تشعر بغبطة من الألم لا يعرفها الرجال الذين يثورون على الآلام، ومن امتزاج الألم بطبيعة المرأة أصبحت التفرقة بين ألمها ولذتها في رعاية الأبناء من أصعب الأمور. •••
وعلى هذا يعتز الرجل بأن يريد المرأة ولا تعتز المرأة بأن تريده؛ لأن الإغواء هو محور المحاسن في النساء، والإرادة الغالبة هي محور المحاسن في الرجال.
ولهذا زودت الطبيعة المرأة بعدة الإغواء وعوضتها بها عن عدة الغلبة والعزيمة، بل جعلتها حين تغلب هي الغالبة في تحقيق مشيئة الجنسين على السواء.
ولكن التفرقة في عدة الغواية واجبة بين ما هو من صفات الجنس كله وما هو من صفات هذه المرأة أو تلك من أفراد النساء.
فقد تكون المرأة من النساء أذكى وأبرع من هذا الرجل أو ذاك، فتأخذه بالحيلة والدهاء كما يغلب الأذكياء الجهلاء في كل مجال يتصاولون فيه.
إلا أنها صفة فردية لا يقاس عليها عند بيان الصفات الجنسية التي خصت بها «المرأة» على التعميم.
وهذه الصفات الجنسية هي التي تعنينا في هذا المقام؛ لأنها التراث المشترك بين جميع بنات حواء في مواجهة الجنس الآخر، وهو جنس الرجال.
فالذي يساعد المرأة من قبل الطبيعة على إغراء الرجل هو «الهوى الجنسي» في تركيب الرجل نفسه؛ فلولا هذا الهوى لكانت حيلتها معه من أضعف الحيل وسلطانها عليه كأهون سلطان.
ومما يرينا أن الطبيعة هي العاملة هنا وليست المرأة هي التي تعمل بقدرتها واحتيالها أن هواها في نفس الرجل شبيه بكل هوى ينمو فيه بحكم العادة أو الفطرة، فهو يعاني مقاومة التدخين أو معاقرة الخمر عناء يجهده ويغلبه على مشيئته في كثير من الأحيان، ولو كان للتبغ أو للخمر لسان يتكلم لجاز أن يتحدث الناس عن لسانهما المعسول الذي يخلب العقول، وعن حيلتهما النافذة التي تسلب الرشاد.
অজানা পৃষ্ঠা
والأداة البالغة من أدوات الإغواء والإغراء هي قدرة المرأة على الرياء والتظاهر بغير ما تخفيه.
فهذه الخصلة قد تسمو فيها حتى تبلغ رتبة الصبر الجميل والقدرة على ضبط الشعور ومغالبة الأهواء، وقد تسفل حتى تعافها النفوس كما تعاف أقبح الختل والنفاق.
أعانتها عليها روافد شتى من صميم طبيعة الأنوثة التي يوشك أن يشترك فيها جميع الأحياء.
فمن أسباب هذه القدرة على الرياء أو هذه القدرة على ضبط الشعور أن المرأة قد ريضت زمنا على إخفاء حبها وبغضها لأنها تخفي الحب أنفة من المفاتحة به والسبق إليه وهي التي خلقت لتتمنع وهي راغبة، وتخفي البغض لأنها محتاجة إلى المداراة كاحتياج كل ضعيف إلى مداراة الأقوياء.
ومن أسباب القدرة على الرياء أو القدرة على ضبط الشعور أن الأنوثة «سلبية» في موقف الانتظار، فليس من شأن رغباتها أن تسرع إلى الظهور والتعبير، أو ليس من شأنها أن تفلح بالظهور والتعبير كما تفلح رغبات الذكور.
ومن أسباب القدرة على الرياء أو القدرة على ضبط الشعور أن مغالبة الآلام قد عودتها مغالبة الخوالج النفسية ما دامت في غنى عن مطاوعتها والكشف عنها.
ومنها أن اصطناع الزينة الذي استقر في خليقتها إنما هو في لبابه اصطناع لكل ظاهر يحس بالأبصار والأسماع أو يحس بالضمائر والأفهام، وفي اللغة العربية توفيقات كثيرة في الجمع بين الحقيقة المادية والحقيقة المجازية بكلمة واحدة، ومنها كلمة «التجمل» التي تفيد معنى التزين لمرأى العيون كما تفيد معنى التزين لمرأى النفوس.
ولرسوخ هذه الطبيعة الأنثوية في تكوين المرأة، شغفت بالرياء لغرض تعنيه ولغير غرض تعنيه في كثير من الأحوال كأنها وظيفة حيوية تستمتع بالمعالجة والرياضة كما تستمتع الأعضاء بالحركة والنشاط؛ فالغش عند المرأة - كما قلنا في رواية سارة: «كالعظمة عند فصائل الكلاب، يعضها الكلب المدلل ويدخرها حيث يعود إليها وإن شبع جوفه من اللبن واللحم والأغذية المشتهاة؛ لأن ألوفا من السنين قد ربت أسنانه وفكيه على قضم العظام وعرقها، فهو يطلبها ليجهد أسنانه وفكيه في القضم والعرق ولو لم تكن به حاجة إلى أكلها. وألوف من السنين قد غبرت على المرأة وهي تخاف وتحتال وتراوغ وترائي وتلعب بمواطن الضعف في الرجال حتى أصبح بعض النساء ممن قويت فيهن عناصر الوراثة وبرزت في طباعهن عقابيل الرجعة ينشدن الغش التذاذا به وشحذا للأسنان القديمة التي نبتت عليه، ويسرهن أن يصنعن الشيء ويخفينه ولو لم تكن بهن حاجة إلى صنعه ولا إخفائه لأن المرأة من هؤلاء تشتهي العظمة بجوع عشرين ألف سنة، وتشتهي اللحم واللبن بجوع ساعات.» •••
وقد يعين المرأة على الرجل - غير الهوى وغير الخداع - خلق آخر هو في الحقيقة خلق يعين الرجل على نفسه، وليس عمل المرأة فيه إلا من قبيل الإذكاء والتنبيه.
فالمرأة «سكن» للرجل كما جاء في القرآن الكريم.
অজানা পৃষ্ঠা
ولا يطيب للإنسان أن يحذر من سكنه أو يتجافى عن الهدوء والطمأنينة فيه، ولا تتم سعادته به إلا أن ينفي عنه الحذر ويقبل عليه بجمع فؤاده وطوية ضميره، فهو الذي يغمض عينيه بيديه ويستنيم إلى الرقاد هربا من السهاد. ونصف ما يقبله من الخداع إنما هو الخداع الذي نسجه بيمينه وزخرفه بتلفيقه، وكذلك المرأة إذا تعلقت بالرجل كانت أسبق منه إلى التصديق وكان خداعه إياها أسهل من خداعها إياه.
ومن غوايات المرأة الكبرى أنها قصبة السبق في حلبة التنافس بين الرجال.
فالظفر بها يرضي كل شعور يحيك بقلب الرجل، سواء منه ما يتناوله بإدراكه ووعيه وما ليس يدركه ولا يعيه.
وقد اختلف أصحاب المذاهب الفلسفية في تعليل نوازع الحياة التي تفسر بها أعمال الناس وترد إليها، فقال بعضهم إنها طلب القوة، وقال غيرهم إنها طلب البقاء، وزعم غير هؤلاء وهؤلاء أنها طلب اللذة، وجاء آخرون في العصر الحاضر فتغلغلوا بالنوازع الجنسية وراء كل غريزة ونفذوا بها إلى كل سرداب من سراديب النفس الخفية.
وأيا كان موضع الصدق من هذه النوازع فالمرأة معها جميعا تطلق شعور القوة وشعور البقاء وشعور اللذة وتتقصى وشائج الجنس إلى جذورها الكامنة في أعرق بواطن الحياة.
وما الظن بقصبة السبق التي تستطيع أن تستدني من تشاء وتنأى عمن تشاء؟
إن المتسابقين ليتناحرون على القصبة الخرساء وهي لا تحكم لهم بشيء ولا تفاضل بين يمين ويمين، فالمرأة - تلك القصبة التي تحابي وتجافي - حرية ألا تبقي في عزيمة عاد بقية من نوازع السباق. •••
تلك هي بعض عناصر الغواية الأنثوية التي تملكها المرأة من حيث تدري ولا تدري.
وكذلك تنبت الثمرة الثانية «هذه الشجرة».
فالمرأة مزودة بوسائل الغواية، موكلة بالمخالفة والامتناع.
অজানা পৃষ্ঠা
هي تغوي لأنها ينبغي أن تراد، ولا ينبغي أن تريد.
وهي تشتهي المخالفة لأنها تؤمر وتنهى، أو لأنها رهينة بإرادة الآخرين.
وهذا وذاك ثمرتان على شجرة واحدة، هي «هذه الشجرة».
جمال المرأة
ما الجمال؟
الجمال كما بيناه في غير هذا الكتاب هو الحرية.
وليس بنا في هذا الكتاب أن نتوسع في شرح معاني الجمال من الوجهة الفلسفية ولا من الوجهة العلمية؛ لأن هذا التوسع يخرج بنا إلى آفاق «ما وراء الطبيعة» وينتهي بنا إلى التنكير والتجهيل بدلا من التعريف والتقريب.
فحسبنا من توضيح الصلات بين الجمال والحرية ملاحظة وجيزة تغني عن كثير، ولا غنى عنها للتمهيد إلى معرفة الجمال كما يتجلى في وظائف الأعضاء، أو كما يتجلى في المرأة على التخصيص.
فمن المتفق عليه أننا لا نعرف شعورا إنسانيا يناقض الشعور بالجمال كما يناقضه الشعور بالحرج والامتناع، واحتباس الفكر والخاطر والإحساس.
ولا نعرف شعورا إنسانيا يوافق الشعور بالجمال كما يوافقه الشعور بالانطلاق والاسترسال، واطراد الفكر والخاطر والإحساس.
অজানা পৃষ্ঠা
فلا يكون الجمال أبدا في معناه بعيدا من الحرية.
ولا تكون الحرية أبدا في معناها بعيدة من الجمال.
وقد تقارب الموضوع من الطرف الآخر إذا ذكرنا أن الحرية المقصودة هنا هي نقيض الفوضى، كما أن الجمال نقيض الاضطراب والاختلاط، فالحرية تستلزم الاختيار والمشيئة.
وليس للفوضى اختيار ولا مشيئة ولا غاية.
وهذا التباين بين الجمال والفوضى من طرف وبين الجمال والحجر من الطرف الآخر، هو الذي يرجع بنا إلى التوحيد بين الجمال والحرية، لأن الحرية كذلك تناقض الحجر وتناقض الفوضى. •••
ونزيد الأمر توضيحا فنقول: إن الحرية التي تمثل الجمال هي الحرية المقرونة بالأوزان والقوانين.
فالحرية بغير أوزان وبغير قوانين هي الفوضى بعينها، أو هي ليست بحرية على الإطلاق؛ لأن الحر هو صاحب الاختيار أو صاحب المشيئة أو صاحب الغاية.
وليس للفوضى غاية، وليس للمرء فيها اختيار ولا مشيئة.
وإنما يتبين لك مقدار حريتك إذا عملت بين الأوزان والقوانين؛ فاللاعب الماهر صاحب مشيئة وصاحب قدرة إذا سار على الحبل الممدود واستطاع المسير في خفة وطلاقة، والشاعر صاحب مشيئة وصاحب قدرة إذا عبر عن معناه في الأوزان والألحان، واستطاع مع ذلك أن يقول ما يريد.
لأن الأوزان والقوانين هنا هي معيار حريته الذي يبين لنا ما عنده من قدرة وحرية في الحركة.
অজানা পৃষ্ঠা
وهذا هو الفرق بين القيود الذميمة والأوزان المستحبة: القيود تقضي على الحرية، والأوزان تبرزها في صورتها التي تعزز المشيئة والاختيار.
وهذا أيضا هو الفرق بين الحرية والفوضى؛ لأن الفوضى حركة لا غاية لها ولا مشيئة، ومن ثم لا حرية لها ولا معنى.
ولا تعريف - من ثم - للجمال أقرب من تعريفه بأنه هو كل ما يملي للنفس في الشعور بالحرية الموزونة، وكل ما يجنبها الشعور بالفوضى أو الشعور بالامتناع والتقييد. •••
قيل: إن الجمال هو التناسب، وهو قول صحيح ولكنه يحتاج إلى قول صحيح آخر يتمه وينتقل به خطوة أخرى إلى طريق الصواب.
فالجمال يوجد مع التناسب كما يوجد في غير التناسب، والجامع بين الجمالين هو حرية الحركة في كلتا الحالتين.
لا تناسب في كلب الصيد الأعجف المعقوف الهزيل، ولكنه يعطينا الحركة الخفيفة الموزونة في تركيبه هذا فهو جميل.
ولا تناسب في شكل الزرافة بالقياس إلى غيرها من الحيوان، ولكنك إذا تصورتها كالحصان أو كالأسد تصورت عائقا لها عن تدبير أمرها وتناول طعامها من فوق رأسها ومن تحت قدميها، وهذا العائق يناقض شعور الجمال، فإذا زال لم يكن بينك وبين الشعور بجمال الزرافة عائق من المقابلة بين شكلها وأشكال غيرها من الحيوان.
وهنا قد يسأل السائل: هل معنى ذلك أن الجمال هو أداء وظائف الأعضاء؟
والجواب لا، ليس الجمال هو أداء وظائف الأعضاء، ولكن وظائف الأعضاء في الجسم الحي كالوزن في القصيدة وكالحبل تحت قدمي اللاعب وكالألحان في الغناء، فهي التي تقيم لنا الفارق بين الحرية والفوضى، وهي المعيار الذي نعرف به حرية الحياة في الانتقاء والتوفيق بينها وبين ما تبغيه.
فلولا وظائف الأعضاء لكانت الحياة حركة فوضى لا غاية لها ولا حرية فيها.
অজানা পৃষ্ঠা
ولكنها - بوظائف الأعضاء - هي حركة لها حرية ولها وزن ولها جمال كلما طابقت في حركتها معنى الحرية الموزونة. •••
وقيل: إن الجمال وليد الغريزة الجنسية، كما أشرنا إلى ذلك في كتابنا «المراجعات».
وأصحاب هذا الرأي جماعة من الأطباء والعلماء الطبيعيين يمثلهم ماكس نوردو حيث يقول:
كل أثر ينبه في الدماغ - بأي شكل من الأشكال - مركز التناسل سواء أكان هذا التنبيه مباشرا أم آتيا من تداعي الفكر وتساوق الخواطر فهو الأثر الجميل، وصورة الجمال الأول في نظر الرجل هي المرأة في سن النضج الجنسي والاستعداد لتجديد النسل، أي المرأة في عنفوان الشباب والصحة.
ففي محضر هذا المرأة يختلج مركز الغريزة النوعية من نفس الرجل بأقوى الإحساسات وأشد الخواطر، وتثير رؤية (الظاهرة) وتصورها عنده أقوى بواعث السرور التي يمكن أن تستفاد من مجرد النظر أو التصور. وقد تعود الطبع أن يقرن بين صورة المرأة وفكرة الجمال؛ فيغريه السرور الذي يستمده من ذلك بأن يصور كل ما يروقه أو يرى فيه معنى من معاني الجمال في صورة امرأة، فالإمة والشهرة والصداقة والمحبة والحكمة وغيرها وغيرها إنما تمثل الحواس في هيئة مؤنثة، ولكن لا أثر لكل ذلك فيما تدركه المرأة وتتصوره؛ لأن رؤية شخص من جنسها لا تحرك بأي شكل من الأشكال مركز النسل من غريزتها، ولا تجد المثل الأعلى للجمال إلا في الرجل. أما ما يشاهد من أن المرأة تكاد تقيس الجمال كله بمقياس الرجل فسببه أن الرجل لتفوقه عليها في القوة يستطيع أن يوحي إليها برأيه وأن يسيطر على أفكارها التي تخالف فكره، ومع هذا نرى في الواقع فكرة الجمال عند الجنسين تتقارب ولا تتماثل كل التماثل، ولو أتيحت للمرأة القدرة على الاستقلال بالنظر وتحليل ما تشعر به ووصف ما يدور بوجدانها لأثبتت منذ زمن بعيد أن مذهبها في الجمال يختلف من وجوه أساسية شتى عن مذهب الرجل فيه.
وهذا الرأي تبطله ملاحظات وجيزة لأنه أقرب الآراء التي قيست في تعليل الجمال إلى البطلان.
فلا يمكن أن تكون الغريزة الجنسية هي الجمال؛ لأن الغريزة الجنسية نفسها تستعين بالجمال لتمييز امرأة من امرأة وتفضيل أنثى على أنثى.
ولا يمكن أن تكون الغريزة الجنسية هي الجمال؛ لأن الغريزة الجنسية واحدة والجمال حتى في الجارحة الواحدة أشكال وألوان.
ولا يمكن أن تكون الغريزة الجنسية هي الجمال؛ لأن الغريزة الجنسية هي واسطة تجديد الحياة، ولن تكون الحياة نفسها خلوا من الجمال قبل ما يساورها من طلب التجديد.
ولا يمكن أن تكون الغريزة الجنسية هي الجمال؛ لأن حظ الأحياء من الجمال أو من الفطنة له ليس على مقدار حظهم من الغريزة الجنسية.
অজানা পৃষ্ঠা
ولا يمكن أن تكون الغريزة الجنسية هي الجمال؛ إذ المرأة ليست بالجميلة لأنها امرأة، وإنما هي امرأة ثم يضاف إليها وصف الجمال.
وقد عرضنا لمذهب نوردو المتقدم في فصل من فصول كتابنا «المراجعات» وأتينا ببعض الملاحظات التي توجب مخالفته ثم قلنا: «إن الغريزة الجنسية لا ريب من أقوى الغرائز تفرعا وتوزعا في جوانب الإحساس ودخائل التفكير، وإنها ولا جدال على اتصال وثيق بشعور الجمال ومطالب الفنون لا نراها منعزلة عنها فيما ينظمه الشعراء ويمثله المصورون ويغنيه المنشدون، ولكن ليس معنى ذلك أنها هي أصل كل شعور بالجمال وأن الحياة نفسها لا جمال لها إلا من حيث إنها علاقة بين ذكر وأنثى ووسيلة لإعطاء الحياة لمخلوق جديد، فإن الحياة غاية الغريزة الجنسية وليست هي الجسر الذي نعبره إلى الحب والجمال. فإن كانت الحياة في ذاتها خلوا من معنى جميل أو مقضيا عليها بالحرمان من رؤية الكون في هيئة تسرها وترضيها وتوسع لها من أكناف الأمل وتضاعف لها من بهجة الوجود فأي شيء يزيد عليها من انقسام الأحياء إلى قسمين أو جنسين؟ ثم ما فضل البقاء المشوه الذي نتوسل إليه باختلاف ذينك القسمين أو ذينك الجنسين؟
أما أننا نتصور الإمة والشهرة والصداقة والمحبة والحكمة وغيرها في صورة مؤنثة فإنما يدل على أن للجمال في أذهاننا معاني كثيرة غير معنى الأنوثة، وأننا نصور تلك المعاني في صورة المرأة لأنها «الشخص المحسوس المحبوب» الذي تقدر الفنون على إبرازه للعيان. ولولا ذلك لما جاز التشابه بين مثال المعاني في الذهن ومثال المرأة في النظر، ما دامت المرأة قد استأثرت بكل صفات الجمال في هذه الحياة.
ويقابل هذا أننا نصور الخواطر القوية في هيئة الرجولة ولا نستخلص من تصويرها كذلك أن العلاقة بين الرجل والمرأة هي أصل كل ما في الحياة من بأس وقوة، وسبب كل ما يتصوره العقل من قدرة ونفاذ. على أن تماثيل الرجال في الفن اليوناني والروماني لا تقل عن تماثيل النساء، والإعجاب الفني بجمال جسم الرجل لا ينقص عن الإعجاب الفني بجمال جسم المرأة، فلماذا يعجب الفنانون بأمثلة الجمال في أجسام الرجال إن كان في غريزتهم ألا يحبوا الجمال ولا يتخيلوه إلا في أجسام النساء؟» •••
غير أننا إذا نفينا أن الغريزة الجنسية هي الجمال أو هي مصدر الشعور بالجمال فلا يستلزم ذلك أن ننفي العلاقة بين شعور الجمال ووظائف الأعضاء.
لأن الرجوع إلى وظائف الأعضاء لازم لقياس حرية الحياة في أداء تلك الوظائف على وجه لا نقصان فيه ولا زيادة.
ومثلها في هذا - كما قدمنا - هو مثل الأوزان والبحور التي تقاس بها حرية الشاعر في التعبير وقدرته على التصرف بالمعاني والألفاظ.
أو هو مثل كل وزن وكل نظام مطرد في فن من الفنون الجميلة: ليس مكانه أنه قيد عائق معطل للحرية، بل مكانه أنه مقياس للحرية الذي يميز بينها وبين الفوضى المطلقة بغير وزن أو نظام وإلى غير غاية أو استقامة.
ومتى عرفنا أن وظائف الأعضاء هي مقياس الحرية والجمال في جسم الإنسان؛ عرفنا كيف يكون جمال المرأة أو كيف ينبغي أن يكون.
فجسم المرأة جسم تابع وليس بالجسم المستقل الذي لا ينظر في تكوينه إلى غيره.
অজানা পৃষ্ঠা
جسم الرجل الجميل جميل التكوين لذاته لا لأنه منظور فيه إلى مخلوق آخر يتوقف عليه.
هو الجمال في صورة الاستقلال.
أما جسم المرأة ففيه الثديان، وفيه الرحم الذي يحمل الجنين، وفيه تركيب الحوض الذي يختلف به قوام المرأة وقوام الرجل في نماذج الجمال، مع اختلافهما بالكتفين والصدر والتنفس تبعا لذلك الاختلاف، ومع اختلافهما تبعا لذلك الاختلاف أيضا بما تحت البشرة من طبقة دهنية لا شك أنها مفضلة في جسم المرأة لحماية الجنين.
فهذه التبعية واجبة في ملاحظة جمال المرأة والحكم عليه.
وتحضرنا في هذا الصدد نماذج ثلاثة للجمال لعلها هي النماذج الإنسانية التي تستحق العناية بها عند كل بحث فيه.
وهي النموذج العصري، ونموذج العرب، ونموذج اليونان.
فالعصر الحاضر عصر الخفة والآلة السريعة والقصد في الوصول إلى الغاية، يميل إلى التخفيف من جسم المرأة ويبالغ فيه، وتؤدي به المبالغة أحيانا إلى الخطأ والعجلة ونسيان الفروق الطبيعية في سبيل المظاهر الصناعية؛ فيكاد أن يسوي بين قوام المرأة وقوام الرجل وهي تسوية تقرب به من التشويه لإهمالها النظر إلى وظائف الأعضاء. ويكاد أن يحصر الجمال النسائي كله في قالب واحد يشبه القوالب الثابتة التي جمد عليها فن الفراعنة في أطوار الركود والاضمحلال.
والعرب أصح ذوقا من المجملين المحترفين في العصر الحاضر؛ لأنهم يصفون المرأة الجميلة كما ينبغي أن تكون.
فكعب بن زهير أصح من معاهد الجمال العصرية حين يقول في وصف مثال الحسناء عنده وهي «سعاد»:
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة
অজানা পৃষ্ঠা