ثم شرعت في الكلام ، بلسان العلام ، فقلت وأشرت إليه ، [ & ] ، حمدت من أنزل عليك الكتاب المكنون ، الذي لا | يمسه إلا المطهرون ، المنزل بحسن شيمك ، وتنزيهك عن الآفات وتقديسك ، فقال في سورة ^ ( ن ) ^ ^ ( بسم | الله الرحمن الرحيم ( 1 ) ^ ( ن والقلم وما يسطرون ( 1 ) ما أنت بنعمة ربك بمجنون ( 2 ) وإن لك لأجرا غير ممنون ( 3 ) وإنك لعلى | | خلق عظيم ( 4 ) فستبصر ويبصرون ( 5 ) ) ^ [ القلم : 1 - 5 ] ثم غمس قلم الإرادة في مداد العلم وخط بيمين القدرة في اللوح | المحفوظ المصون ، كل ما كان وما هو كائن وسيكون وما لا يكون ، مما لو شاء وهو لا يشاء أن يكون ، لكان كيف يكون | من قدره المعلوم الموزون ، وعلمه الكريم المخزون ف ^ ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) ^ [ الصافات : 180 ] ذلك الله | الواحد الأحد ، فتعالى عما أشرك به المشركون ، فكان أول اسم كتبه ذلك القلم الأسمى ، دون غيره من الأسماء ، إني أريد | أن أخلق من أجلك يا محمد العالم الذي هو ملكك فاخلق جوهرة الما ، فخلقتها دون حجاب العزة الأحمى ، وأنا على ما | كنت عليه ولا شيء معي في عما ، فخلق الماء سبحانه بردة جامدة كالجوهرة في الاستدارة والبياض ، وأودع فيها بالقوة | ذوات الأجسام وذوات الأعراض ، ثم خلق العرش واستوى عليه اسمه الرحمن ، ونصب الكرسي وتدلت إليه القدمان ، | فنظر بعين الجلال إلى تلك الجوهرة فذابت حياء ، وتحللت أجزاؤها فسالت ماء ، وكان عرشه على ذلك الماء ، قبل وجود | الأرض والسماء ، وليس في الوجود إذ ذاك إلا حقائق المستوى عليه والمستوي والاستواء ، فأرسل النفس فتموج الماء من | زعزعه وأزبد ، وصوت بحمد الحمد المحمود الحق عندما ضرب بساحل العرش فاهتز الساق وقال له : أنا أحمد ، فخجل | الماء ورجع القهقرى يريد ثبجه ، وترك زبده بالساحل الذي أنتجه ، فهو مخضة ذلك الماء ، الحاوي على أكثر الأشياء ، | فأنشأ سبحانه من ذلك الزبد الأرض ، مستديرة النشء مدحية الطول والعرض ، ثم أنشأ الدخان من نار احتكاك الأرض عند | فتقها ففتق فيه السموات العلى ، وجعله محل الأنوار ومنازل الملأ الأعلى ، وقابل بنجومها المزينة لها النيرات ، ما زين به | الأرض من أزهار النبات ، وتفرد تعالى لآدم وولديه ، بذاته جلت عن التشبيه ويديه ، فأقام نشأة جسدية ، وسواها تسويتين | تسوية انقضاء أمده ، وقبول أبده ، وجعل مسكن هذه النشأة نقطة كرة الوجود وأخفى عينها ، ثم نبه عباده عليها بقوله تعالى | ^ ( بغير عمد ترونها ) ^ [ الرعد : 2 ] ، فإذا انتقل الإنسان إلى برزخ الدار الحيوان ، مارت قبة السماء وانشقت فكانت شعلة نار | سيال كالدهان ، فمن فهم حقائق الإضافات ، عرف ما ذكرنا له من الإشارات ، فيعلم قطعا أن قبة لا تقوم من غير عمد ، | كما لا يكون والد من غير أن يكون له ولد ، فالعمد هو المعنى الماسك ، فإن لم ترد أن يكون الإنسان فاجعله قدرة | المالك ، فتبين أنه لا بد من ماسك يمسكها ، وهي مملكة فلا بد لها من مالك يملكها ، ومن مسكت من أجله فهو ماسكها ، | ومن وجدت له بسببه فهو مالكها ، ولما أبصرت حقائق السعداء والأشقياء عند قبض القدرة عليها بين العدم والوجود وهي | حالة الإنشاء حسن النهاية ، بعين الموافقة والهداية ، وسوء الغاية بعين المخالفة والغواية ، سارعت السعيدة إلى الوجود | وظهر من الشقية التثبط والإباية ، ولهذا أخبر الحق عن حالة السعداء فقال : ^ ( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ( 61 ) ) ^ | [ المؤمنون : 61 ] يشير إلى تلك السرعة ، وقال في الأشقياء : ^ ( فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ) ^ [ التوبة : 46 ] يشير | إلى تلك الرجعة ، فلولا هبوب تلك النفحات على الأجساد ما ظهر في هذا العالم سالك غي ولا رشاد ، ولتلك السرعة | والتثبط أخبرتنا صلى الله عليك ، أن رحمة الله سبقت غضبه هكذا نسب الراوي إليك ، ثم أنشأ سبحانه الحقائق على عدد | أسماء حقه ، وأظهر ملائكة التسخير على عدد خلقه ، فجعل لكل حقيقة اسما من أسمائه تعبده وتعلمه ، وجعل لكل سر | حقيقة ملكا يخدمه ويلزمه ، فمن الحقائق من حجبته رؤية نفسه عن اسمه ، فخرج عن تكليفه وحكمه ، فكان له من | الجاحدين ، ومنهم من ثبت الله أقدامه واتخذ اسمه إمامه ، وحقق بينه وبينه العلامة ، وجعله أمامه ، فكان له من | الساجدين . ثم استخرج من الأب الأول أنوار الأقطاب شموسا تسبح في أفلاك المقامات ، واستخرج أنوار النجباء نجوما | تسبح في أفلاك الكرامات ، وثبت الأوتاد الأربعة للأربعة الأركان ، فانحفظ بهم الثقلان ، فأزالوا ميد الأرض وحركتها ، | فسكنت فازينت بحلي أزهارها وحلل نباتها وأخرجت بركتها ، فتنعمت أبصار الخلق بمنظرها البهي ، ومشامهم بريحها | العطري وأحناكهم بمطعومها الشهي ، ثم أرسل الأبدال السبعة إرسال حكيم عليم ، ملوكا على السبعة الأقاليم ، لكل بدل | إقليم ، ووزر للقطب الإمامين ، وجعلهما إمامين على الزمامين ، فلما أنشأ العالم على غاية الإتقان ، ولم يبق أبدع منه كما | | قال الإمام أبو حامد في الإمكان ، وأبرز جسدك صلى الله عليك للعيان ، أخبر عنك الراوي أنك قلت يوما في مجلسك : | ' إن الله كان ولا شيء معه بل هو على ما عليه كان ' . وهكذا هي صلى الله عليك حقائق الأكوان ، فما زادت هذه الحقيقة | على جميع الحقائق ، إلا بكونها سابقة وهن لواحق ، إذ من ليس مع شيء فليس معه شيء ولو خرجت الحقائق على غير ما | كانت عليه في العلم ، لانمازت عن الحقيقة المنزهة بهذا الحكم ، فالحقائق الآن في الحكم على ما كانت عليه في العلم ، | فلنقل كانت ولا شيء معها في وجودها ، وهي الآن على ما كانت عليه في علم معبودها ، فقد شمل هذا الخبر الذي أطلق | على الحق ، جميع الخلق ، ولا تعترض بتعدد الأسباب والمسببات ، فإنها ترد عليك بوجود الأسماء والصفات ، وأن | المعاني التي تدل عليها مختلفات ، فلولا ما بين البداية والنهاية سبب رابط وكسب صحيح ضابط ، ما عرف كل واحد | منهما بالآخر ، ولا قيل على حكم الأول يثبت الآخر ، وليس إلا الرب والعبد وكفى ، وفي هذا غنية لمن أراد معرفة نفسه | في الوجود وشفا ، ألا ترى أن الخاتمة عين السابقة ، وهي كلمة واجبة صادقة . فما للإنسان يتجاهل ويعمى ، ويمشي في | دجنة ظلماء حيث لا ظل ولا ما ، وأن أحق ما سمع من النبا ، وأتى به هدهد الفهم من سبا ، وجود الفلك المحيط ، | الموجود في العالم المركب والبسيط ، المسمى بالهباء ، وأشبه شيء به الماء والهواء ، وإن كانا من جملة صوره المفتوحة | فيه . ولما كان هذا الفلك أصل الوجود وتجلى له اسمه النور من حضرة الجود كان الظهور ، وقبلت صورتك صلى الله | عليك من ذلك الفلك أول فيض ذلك النور ، فظهرت صورة مثلية ، مشاهدها عينية ، ومشاربها غيبية ، وجنتها عدنية ، | ومعارفها قلمية ، وعلومها يمينية ، وأسرارها مدادية ، وأرواحها لوحية ، وطينتها آدمية ، فأنت أب لنا في الروحانية ، كما | كان وأشرت إلى آدم صلى الله عليه في ذلك الجمع أبا لنا في الجسمية ، والعناصر له أم ووالد ، كما كانت حقيقة الهباء في | الأصل مع الواحد ، فلا يكون أمر إلا عن أمرين ، ولا نتيجة إلا عن مقدمتين ، أليس وجودك عن الحق سبحانه وكونه قادرا | موقوفا ، وأحكامك عليه من كونه عالما موصوفا ، واختصاصك بأمر دون غيره مع جوازه عليك عليه من كونه مريدا | معروفا ، فلا يصح وجود المعدوم عن وحيد العين ، فإنه من أين يعقل الأين ؟ فلا بد أن تكون ذات الشيء أينا لأمر ما ، لا | يعرفه من أصبح عن الكشف على الحقائق أعمى ، وفي معرفة الصفة والموصوف ، تتبين حقيقة الأين المعروف ، وإلا | فكيف تسأل صلى الله عليك بأين وتقبل من المسؤول فاء الظرف ؟ ثم تشهد له بالإيمان الصرف ، وشهادتك حقيقة لا | مجاز ، ووجوب لا جواز ، فلولا معرفتك صلى الله عليك بحقيقة ما ، ما قبلت قولها مع كونها خرساء في السما ، ثم بعد أن | أوجد العوالم اللطيفة والكثيفة ، ومهد المملكة وهيأ المرتبة الشريفة ، أنزل في أول دورة العذراء الخليفة ، ولذلك جعل | سبحانه مدتنا في الدنيا سبع آلاف سنة ، وتحل بنا في آخرها حال فناء بين نوم وسنه ، فننتقل إلى البرزخ الجامع للطرائق ، | وتغلب فيه الحقائق الطيارة على جميع الحقائق ، فترجع الدولة للأرواح ، وخليفتها في ذلك الوقت طائر له ستمائة جناح ، | وترى الأشباح ، في حكم التبع للأرواح ، فيتحول الإنسان في أي صورة شاء ، لحقيقة صحت له عند البعث من القبور في | الإنشاء ، وذلك موقوف على سوق الجنة ، سوق اللطائف والمنة ، فانظروا رحمكم الله وأشرت إلى آدم في الزمردة | البيضاء ، قد أودعها الرحمن في أول الآباء ، وانظروا إلى النور المبين ، وأشرت إلى الأب الثاني الذي سمانا مسلمين ، | وانظروا إلى اللجين الأخلص ، وأشرت إلى من أبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله كما جاء به النص ، وانظروا إلى جمال حمرة | ياقوتة النفس ، وأشرت إلى من بيع بثمن بخس ، وانظروا إلى حمرة الإبريز ، وأشرت إلى الخليفة العزيز ، وانظروا إلى نور | الياقوتة الصفراء في الظلام ، وأشرت إلى من فضل بالكلام ، فمن سعى إلى هذه الأنوار ، حتى وصل إلى ما يكشفه لك | طريقها من الأسرار ، فقد عرف المرتبة التي لها وجد ، وصح له المقام الآلي وله سجد ، فهو الرب والمربوب ، والمحب | والمحبوب : |
انظر إلى بدء الوجود وكن به
فطنا تر الجود القديم المحدثا
|
পৃষ্ঠা ৩৮