ويقول عن مصر في زهو وإعجاب:
"ولا يشك أحد أن مصر وطن شريف، إن لم نقل: إنها أشراف الأمكنة، فهي أرض الشرف والمجد في القديم والحديث، وكم ورد في فضلها من آيات بينات، وآثار وحديث، فما كأنها إلا صورة جنة الخلد، منقوشة في عرض الأرض، بيد الحكمة الإلهية التي جمعت محاسن الدنيا فيها، حتى تكاد أن تكون صورتها في أرجائها ونواحيها, بلدة معشوقة السكنى، رحبة المثوى ... إلخ"1.
ويقول عن واجب الفرد نحو وطنه في كتابه "المرشد الأمين" كذلك:
"فالوطني المخلص في حب الوطن، يفدي وطنه بجميع منافع نفسه، ويخدمه ويبذل جميع ما يملك، ويدفع عنه كل ما تعرض له بضرر، كما يدفع الوالد عن ولده الشر, فينبغي أن تكون نية أبناء الوطن دائما متوجهة في حق وطنهم إلى الفضيلة والشرف، ولا يرتكبون شيئا مما يخل بحقوق أوطانهم، فيكون ميلهم إلى ما فيه النفع والصلاح، كما أن الوطن نفسه يحمي ابنه من جميع ما يضر به"2.
وتلك لعمري نغمة جديدة لم يألفها الشرق العربي بعامة، ومصر بخاصة؛ لأن الوطن عندهم لم يكن محدود المعالم، فكل بلاد الإسلام بلادهم، يدينون بالولاء للخليفة، ولم يكن يعنيهم من أمر أوطانهم والفناء في سبيلها شيء .
كانت هذه النغمة، وذلك الحديث عن الوطن, وواجب المواطن, أول لبنة في بناء الأدب القومي المصري الحديث, جعلت أنظار الأدباء فيما بعد يعنون بهذا الوطن، ويتملون جماله، ويعبرون عن آلام أهله وأمانيهم، وإن لم يحدث ذلك سريعا لانتشار الأمية, وقيام معوقات سياسية واجتماعية كثيرة، وحسب رفاعة أنه سبق زمانه، وتحدث حديثا عن الوطن تخاله لجدته قد قيل في أيامنا هذه.
পৃষ্ঠা ৩৬