وكانت له أفكار تخشاها الأسرة الحاكمة، وقد صرح بها في مواطن كثيرة من كتبه، فكان يدعو إلى العدالة الاجتماعية، وألا يستبد مالك الأرض بزراعتها، فزارعها هو في حقيقة الأمر أولى الناس للانتفاع بها، وكان يلمح تلميحات -لا تخفى على ذوي الفطن- إلى استبداد أسرة محمد علي وحاشيته، ويدعو إلى الشورى وغير ذلك مما يرتئيه الرجل المصلح العامر القلب بالإيمان, والعقل بالأفكار النيرة، ولعل هذه الصفات تفسر لنا تأخر رفاعة في سلم الترقي الحكومي ونيل الألقاب، بينهما قد سبقه بعض تلاميذه في هذا المضمار, وكان يمثل أخلاق العلماء ببعده عن مظاهر الخيلاء والغرور، بل كان زاهدا جوادا، متواضعا، محبا للخير، وكان يتقد وطنية وغيرة على بلاده، وله في ذلك كثير من الأشعار الحماسية, يشيد فيها بمصر وعظمة جيشها، ومن هذا قوله يخاطب الجنود:
يا أيها الجنود ... والقادة الأسود
إن أمكم حسود ... يعود هامي المدمع
فكم لكم حروب ... بنصركم تئوب
لم تثنكم خطوب ... ولا اقتحام معمع
وكم شهدتم من وغى ... وكم هزمتم من بغى
فمن تعدى وطغى ... على حماكم يصرع
وتتجلى روحه الوطنية في ترجمة نشيد فرنسا القومي "المارسليز"، لأنه أحبه, وهاج عاطفته، وكان يكثر من عباراته الوطنية وخدمة الوطن في مؤلفاته.
وفي الوطن يقول: "الوطن هو عش الإنسان الذي فيه درج، ومنه خرج، ومجمع أسرته، ومقطع سرته، وهو البلد الذي نشأته تربته، وغذاه هواؤه، ورباه نسيمه، وحلت عنه التمائم فيه1".
পৃষ্ঠা ৩৫