আরবী বিপ্লবের ইতিহাসে অধ্যায়
فصل في تاريخ الثورة العرابية
জনগুলি
وبقدر ما فرح الوطنيون كان استياء الأجانب، الذين أخذوا يشيعون المفتريات عن الوزارة، ويصفونها بالتطرف والتعصب والغفلة، واشتدت لهجة الصحف الإنجليزية والفرنسية في توجيه المطاعن إليها، وذلك على الرغم مما ظهر من اعتدالها في مسألة الميزانية.
وظل الإنجليز ينتظرون أن تسنح لهم فرصة أخرى للتدخل، حتى وقع حادث المؤامرة الشركسية المشؤوم فاستغله الإنجليز أقبح استغلال وأرذله، على بعد ما بينه وبين السياسة العامة للبلاد.
أراد بعض الشراكسة أن يقتلوا عرابيا وأصحابه، وقد نمى ذلك إلى علم عرابي من طلبة باشا عصمت قائد اللواء الأول، وهذا علمه من أحد المتآمرين وهو راشد أنور أفندي، الذي خالف إخوانه فسارع إلى إفشاء سرهم.
وفي اليوم الثاني عشر من أبريل سنة 1882 قبض على تسعة عشر ضابطا، وسيقوا إلى مجلس عسكري ألف لمحاكمتهم بعد موافقة الخديو، وقد جعلت رياسة المجلس لضابط شركسي هو الفريق راشد باشا حسني؛ وبعد عشرة أيام بلغ عدد المقبوض عليهم ثمانية وأربعين منهم عثمان باشا رفقي، وقد اعترف بعض الضباط بالمؤامرة وعزوها إلى راتب باشا أحد أعوان إسماعيل.
وقضى المجلس العسكري بإدانة أربعين رجلا كان بينهم عثمان رفقي، فحكم بتجريدهم جميعا من ألقابهم ونفيهم إلى السودان ... وعوقب بهذا العقاب اثنان من المدنيين وأحيل خمسة على المحاكم الأهلية؛ وعوقب راتب باشا بالحرمان من العودة إلى مصر فإذا عاد نفي من فوره ... وذكر المجلس أن الخديو إسماعيل هو الذي دبر المؤامرة، واقترح أن ينظر مجلس الوزراء في مرتباته.
ثارت ثائرة الإنجليز والفرنسيين على هذا الحكم، وراحوا يصفون الحكومة بالتعصب الأعمى والفوضى والظلم، ثم اتخذوا منه فرصة ليوقعوا بين الخديو والوزارة.
أشار السير إدوارد مالت قنصل إنجلترة في مصر على الخديو برفض هذا الحكم. وحار توفيق واشتدت حيرته، ورأى الأمر جد خطير، فهو بالرفض يتحدى الوزراء والرأي العام في غير حق، وفي موقف كهذا تحيط فيه الدسائس بالوزارة الوطنية. ووقف الخديو موقفا مبهما أول الأمر، ولكنه ما لبث أن أخذ برأي مالت، فخطا بذلك خطوة أخرى من خطواته التي كانت تعجل سير الحوادث نحو الغاية التي رسمها الإنجليز وهي الاستيلاء على مصر.
ولعلنا نذكر من مواقف توفيق السالفة ما كان يدفع به الحوادث في طريق العنف والثورة دفعا. فهو الذي أدى إلى انضمام المدنيين والعسكريين يوم تنكر للدستور وأخرج شريفا من الوزارة، وهو الذي تقع على عاتقه مسئولية مظاهرة عابدين؛ ثم هو الذي قبل المذكرة المشتركة فأحرج شريفا مرة ثانية وصدم الوطنيين صدمة عنيفة؛ وها هو ذا ينحاز إلى جانب القنصل الإنجليزي في أمر لا دخل للإنجليز فيه قط. والحق أن الخديو يتحين الفرص للقضاء على الحركة الوطنية منذ حادث قصر النيل، ولقد أصبح في الواقع تحت حماية الدولتين، وبخاصة إنجلترة منذ يوم عابدين.
واتخذت الأزمة بين الوزارة والخديو مظهرا خطيرا كل الخطر ، فهي في الواقع صراع بين الحكم المطلق وبين مشيئة الأمة؛ ثم إن الخديو رأى بإيحاء مالت أن يرجع إلى السلطان، فغضب الوزراء؛ لأن معنى ذلك ضياع استقلال مصر.
ثم أرادت الوزارة أن تحبط كيد الأجانب، فتقدمت إلى الخديو تقترح عليه أن يخفف الحكم من تلقاء نفسه، والوزارة ترضى أن ينفى المحكوم عليهم إلى أي جهة من الجهات دون أن تمس رتبهم أو ألقابهم وإنما تستبعد أسماؤهم من سجلات الجيش، ولكن توفيقا لم يرض حتى بهذا وكان وراءه مالت يوحي إليه؛ فوقع على أوراق الحكم بنفي المتآمرين إلى خارج البلاد مع عدم استبعاد أسمائهم من سجلات الجيش، ومعنى ذلك أنه نفي مؤقت.
অজানা পৃষ্ঠা