فإن قلت: وما حقيقتها وكم هي؟ قلت: حقيقتهما ما لا يشغل الخبر. وإن أحدث وأما كنيتها فهي: اثنان وعشرون، وهي تنقسم إلى مدرك وغير مدرك، فالمدرك الألوان والأرايح والطعوم والحرارة والبرودة والأصوات والآلام، وغير المدرك هي: الرطوبة واليبوسة والحياة والقدرة والشهوة والنفرة والغنا والأكوان والاعتيادات والتأليفات والاعتقادات والإرادات والكراهات والظنون والأنظار، فالمدركة سواء الأصوات والآلام والسبعة الأول من غير المدركات لا يقدر عليها إلا الله تعالى، والبقية تدخل حسبما يجب مقدوريا فهذه هي التي تزيد بالأعراض والتي قلنا أن الجسم لم يخل منها هي: الأكوان وهي: الحركة والسكون والاجتماع والاقتراب.
والطائفة الأخرى أثبتوها وقالوا: إن أصل الجسم كان خاليا عنها إلا أنهم قالوا: أن أصل العالم جوهران بصمدان غير متحيزين ولا محسوسين ولا ملموسين أحدهما: الهيولا، والثاني: الصورة، ثم حلت الصورة في الهيولا مكانيا وتحيزي ثم حلتها الأعراض بعد ذلك وإلى هذا أشرنا بقولنا ولم يفتها شيء من التقدمات.
والدليل على بطلان مذهبهم أن الجسم لو خلا عنها فيما مضى من الزمان لجاز خلوه عنها الآن أما إنه لو جاز خلوه عنهما فيما مضى من الزمان لجاز خلوه الآن فلأنه لم يتغير عليها إلا مرور الزمان ومرور الزمان لا يؤثر في جعلها متحيزة.
পৃষ্ঠা ১১