بسم الله الرحمن الرحيم (3)
قال :العبد الفقير إلى عفو ربه القدير، المهدي أحمد بن يحيى المرتضى أمنحه الله سبيل التقوى، وجعل الآخرة خير له من الأولى:
পৃষ্ঠা ৫
الحمد لله عالم الغيب والشهادة، المتفرد باستحقاق العبادة، أحمده حمد معترف بالتقصير عن شكره، وأسأله التوفيق للقيام بنهيه وأمره، وأشهد أن لا إله إلا هو مخلصا له الدين مسلما، لأمره في كل حين، وأشهد أن محمد رسوله الأمين، المبعوث بلسان عربي مبين، -صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وسلم عليه وعليهم أجمعين وبعد:
فلما كان شرف العلم بشرف المعلوم، وكان ذات الباري تعالى أشرف المعلومات كانت معرفته أهم المهمات، وكان المتكفل ثباتها هو العلم المسما في لسان المتكلمين بأصول الدين. وكنت قد جمعت فيه مختصرا يليق بأهل الأوان إذ نكبت هممهم عن الإقبال على بسائط وكلت فطنهم عن نقل الوسائط، حتى أدى ذلك إلى التسامح به حتى رفظوه جانبا وأخلوا به واجبا، وجمعت فيه جمهور الأدلة العقلية والسمعية بإشارات يقبلها الطبع [2أ-أ].
পৃষ্ঠা ৬
ولا يمحها السمع يفعل بها المنتهى شوارد الأدلة، ويبلغ بها المبتدأ غاية توحيد الله واستحسنه من رأى من الأخوان كثرهم الله تعالى فربما خشى من لا يسعني مخالفته على تأليف شرح له على شكله في الاختصار، جامعا لحكاية المذهب وتحرير دليله والمخالف وشبهته وحلها فساعدته مساعدة تضاح مغترف من ضحضاح وابتدأ به سائلا من الله الإثابة والهدى للإصابة إنه ولي ذلك والقادر على ما هنالك واعلم أن المختصر يشتمل على ثلاثة أبواب التوحيد والعدل والوعد والوعيد، واد خلنا النظر ضمنا وهو مرتب على ترتيب (الخلاصة)( ) لكنا ربما قدمنا بعضا وأدخلنا بعضا ضمنا الاحتمالة لذلك أما الباب الأول.وهو باب التوحيد فنبدأ من مسألة بإثبات الصانع.
المسألة الأولى:
পৃষ্ঠা ৭
قوله: (الحمد لله) أتى بالحمد هاهنا توصلا إلى الكلام على المسألة، وفي الحمد كلام كثير يتكرر للقراء في كثير من الكتب، فلا حاجة إلى ذكره هاهنا قوله (الدال على ذاته بالمصنوعات) هذا بقيته على الذات الله تعالى لا يعرف ضروريا كما زعم الجاحظ (1) ومن تابعه (2) وكلامهم باطل لأن المعروف ضرورة لا ينبغي عن النفس بشك ولا كلمة، والمعلوم أن كثير ممن برز في الإسلام انتفى عنه العلم بالله تعالى كابن الراوندي، وأبي عيسى الوزان فلم يبقى إلا أنه يعرف دلالة ولا يجوز التقليد في معرفة الصانع كما قد يحكى عن القاسم -عليه السلام-لأن المقلد لا يأمن خطأ من قلده، والمقلدون مختلفون فلا يسوغ تقليد الجميع، ولا تقليد بعضهم من دون إيضاح الحق معه والعارف للحق لا يكون مقلد أو من هاهنا لسنا مقلدين الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- لإيضاح الحق بل معنا الدليل فإن قلت: ربما يحصل العلم الاستدلالي.
قلت: بالنظر وهو الفكر، وإن قلت: فهل يجب النظر. قلت: نعم لأن معرفة الله تعالى لا تتم إلا به لما ورد وهي واجبة ولا يتم الواجب إلا به، يكون واجبا كوجوبه وكالصلاة فإنها لما لم تتم إلا بالوضوء وجب لوجوبها.
فإن قلت: ولم قلت معرفة الله تعالى واجبة. قلت: لأنك إذا عرفته كنت أقرب إلى أداء الواجب كعطاء الدين ورد الوديعة لأنك بمعرفته تخاف من الإخلال بها عقابه.
فإن قلت: ومن أبراني إذا كنت مع المعرفة أقرب إلى ذلك كانت واجبة.
পৃষ্ঠা ৮
قلت: لأنها صارت كالسبب إلى دفع الضرر عن النفس الذي أنت تظن حصوله من الإخلال بما ذكرناه، وذلك الدفع هو فعل الواجب والعقلاء لا يختلفون في وجوب دفع الضرر عن النفس بما أمكن، فإن قلت: فإن لم أظن عمانا رأسا. قلت: لا بد أن تظنه بأن يسمع وأعطى أو ما هذا أو ترى تهليك الأمم بعضها لبعض.
فتقول في نفسك لا تأمن أن يكون لك صانعا صنعك ومدبرا دبرك، إن أطعته أثابك وإن عصيته عاقبك، ونحوا من ذلك فإن لم[2ب-أ].
يحصل لك شيء منها فالواجب على الله تعالى الحاضر وهو كلام خفي يلقيه الله في باطن سمعك أو في ناحية صدرك، فيه ما قدمنا وإلا كان تكليفه كتكليف الساهي والنائم، وذلك قبيح وهو تعالى عن فعله.
فإن قلت: وما تريد بالواجب. قلت: أعني أنك ندم على الإخلال به، فحصل من هذا أن معرفة الله تعالى واجبة وأن النظر واجب لوجوبها.
পৃষ্ঠা ৯
فإن قلت: ومن أين أعلم أن النظر يوصل إلى العلم. قلت: لأن العقلاء يوعون إليه عند التباس الأمور عليهم، قوله: (من الأجسام والحيوانات والجمادات) يبين المصنوعات الدالة عليه تعالى قوله (التي لم تحل من الأعراض المحدثات) بين كيفية دلالة الأجسام عليه، وهذا مذهبنا أعني أن في الأجسام أعراض هي غيرها، وأن الأجسام لم يحل فيها وخالف في ذلك طائفة من الفلاسفة فأنكرها طائفة منهم، وهشام بن الحكم، وحفص الفرد، والأصم من النواصب( )، وقالوا: لا شيء زائد على الجسم، والدليل على بطلان مذهبهم أنا وجدنا في الأجسام متفقة في الجسمية ومفترقه، فمنها متحرك ومنها ساكن، ومنها مجتمع ومنها مفترق، فيجب أن يكون ما افترقت منه غير ما اشتركت فيه، وإلا كانت مفترقة مشتركة في حالة واحدة، وذلك لا يصح.
الدليل الثاني:
ما ناظر به أبو الهذيل(1) بعض بغاة الأعراض قال له أبو الهذيل كم حد الزاني؟ قال: مائة جلدة. قال: فالقاذف؟ قال ثمانون. قال: كم بينهما؟ قال: عشرون. قال فما العشرون الجالد أم المجلود أم الصود؟ قال:لا أحدها قال: فما هي؟ قال لا شيء. قال: فكأنك تقول مائة لا شيء يزيد على مائتي لا شيء تعريف لا شيء ما يقطع فثبت بهذين الدليلين ثبوت أمور زائدة على الجسم.
পৃষ্ঠা ১০
فإن قلت: وما حقيقتها وكم هي؟ قلت: حقيقتهما ما لا يشغل الخبر. وإن أحدث وأما كنيتها فهي: اثنان وعشرون، وهي تنقسم إلى مدرك وغير مدرك، فالمدرك الألوان والأرايح والطعوم والحرارة والبرودة والأصوات والآلام، وغير المدرك هي: الرطوبة واليبوسة والحياة والقدرة والشهوة والنفرة والغنا والأكوان والاعتيادات والتأليفات والاعتقادات والإرادات والكراهات والظنون والأنظار، فالمدركة سواء الأصوات والآلام والسبعة الأول من غير المدركات لا يقدر عليها إلا الله تعالى، والبقية تدخل حسبما يجب مقدوريا فهذه هي التي تزيد بالأعراض والتي قلنا أن الجسم لم يخل منها هي: الأكوان وهي: الحركة والسكون والاجتماع والاقتراب.
والطائفة الأخرى أثبتوها وقالوا: إن أصل الجسم كان خاليا عنها إلا أنهم قالوا: أن أصل العالم جوهران بصمدان غير متحيزين ولا محسوسين ولا ملموسين أحدهما: الهيولا، والثاني: الصورة، ثم حلت الصورة في الهيولا مكانيا وتحيزي ثم حلتها الأعراض بعد ذلك وإلى هذا أشرنا بقولنا ولم يفتها شيء من التقدمات.
والدليل على بطلان مذهبهم أن الجسم لو خلا عنها فيما مضى من الزمان لجاز خلوه عنها الآن أما إنه لو جاز خلوه عنهما فيما مضى من الزمان لجاز خلوه الآن فلأنه لم يتغير عليها إلا مرور الزمان ومرور الزمان لا يؤثر في جعلها متحيزة.
পৃষ্ঠা ১১
وأما أنه لا يجوز خلوه عنها الآن فلما[3أ-أ] ذكرنا من أنه لا يجوز خلو الجسم من أن يكون متحركا أو ساكنا، ومن جوز خلوه منهما كابر حكم عقله قوله (المحدثات) هذا مذهبنا.
أعني أن هذه الأعراض محدثة، وقال: "يقدمها طائفة من الفلاسفة"، فقال: أصحابنا إنها لعدم والقديم لا يجوز أن يقدم دليل بيان عدمها أن الجسم إذا تحرك فقد عدم السكون وإن سكن فالعكس فقالوا الحق.
نقول إذا سكن كمنت الحركة، ولم تعدم وإذا أحتركت فالعكس(1) فأجابهم أصحابنا قالوا: إن قلتم أن الحركة باقية في الجسم حال سكونه فهذا إثبات ما لا طريق إليه، وإثبات ما لا طريق إليه يفتح باب الجهالات وتجويز المحالات، وإن قلتم: أنها انتقلت إلى غيره، فهذا محال لأن الانتقال تفريغ جهة وشغل أخرى ولا يفعل الانتقال غير هذا أو العرض لا يشغل الجهة ولا يفرغها. فإن قلت: ومن أين أن الأعراض لا تشغل ولا تفرغ؟.
قلت: لأنها لو كانت كذلك لم يوجد عرضان في محل واحد، كما أن الأجسام لما كانت تشغل لم يوجد جسمان في محل واحد. فإن قلت: وإن وجد عرضان في محل واحد.
قلت: في الخبر من حقه الزمان أكثر من عرضين وهي اللون والطعم والرطوبة واليبوسة والاجتماع والافتراق، فإذا بطل أن تكون الحركة موجودة مع السكون ومنتقلة لم يبقى إلا أن تكون معدومة. فإن قلت: ولم قلتم أن القديم لا يجوز أن يعدم؟.
পৃষ্ঠা ১২
قلت: لأن القديم قديم لذاته وخروج الموصوف عن صفة ذاته لا يجوز، أما أنه قديم لذاته فسيأتي في الكيفية إن شاء الله تعالى وأما أن خروج الموصوف عن صفات ذاته لا يجوز، فلأن كون الصفة للذات توجب ثبوتها واستمرارها في جميع الأوقات.
إذ لو ثبتت لها في وقت دون وقت لافتقرت إلى تخصيص من فاعل أو علة وباطل، أن تثبت للذات لأجل الفاعل والعلة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
فبطل بهذا أن تكون الأعراض قديمه، وإذا بطل قدومها ثبت حدوثها من حيث دارت القسمة بين نفي وإثبات، بيانه أنك تقول الموجود لا يخلو إما أن يكون لوجوده أول أم لا إن لم يكن فهو القديم وإن كان فهو المحدث قوله: (فدل ذلك على أنها محدثات) يعني إذا ثبت أن في الأجسام أعراضا هي غيرها، وأن الجسم لم يخل منها، ولم يتقدمها وأنها محدثة ثبت أن الجسم محدث؛ لأن ما لم يخل من المحدث ولم يتقدمه فهو محدث مثله، وهذا هو مذهبنا(1).
পৃষ্ঠা ১৩
وقالت طائفة من الفلاسفة (1) وابن الراوندي (2) بذلك أعني بإثبات الأعراض. وأن الجسم لم يخل منها، وأنها محدثة لكنها تحدث في الجسم حادث قبله حادث إلى ما لا أول له فأحادها محدثة وجملتها قديمة، (وأعلم) أن جميع من قدمنا من المخالفين غرضهم إثبات قدم العالم وأنه لا صانع له مختار والذي يبطل قول هؤلاء أنا نقول أنما ثبت لآحادها من دون شرط معقود في جملتها(3) يجب أن يثبت لجملتها، وذلك هو الحدوث ألا ترى أنه لما ثبت السواد لأحاد الزنج من غير شرط معقود في جملتها، ثبت لجملتهم؛ فثبت أن ما لم يحل من المحدث ولم يتقدمه فهو محدث مثله ألا ترى أنا إذا علمنا ولادة زيد وعمرو في وقت واحد، وعلمنا أن لأحدهما عشر سنين فإنا نعلم أن للأخر كذلك ضرورة، فإذا علمنا حدوث الأعراض وأن الجسم لم يخل منها [3ب-أ] ولم يتقدمها علمنا حدوث الجسم.
قوله: (والأثر لا بد له من مؤثرات) هذا كان قولهم والمحدث لا بد له من محدث يعني إذا ثبت أن الأجسام محدثة وجب أن يكون لها محدث، وإنما عدلنا إلى هذه العبارة ليتلائم النظم.
(والدليل على أن المحدث لا بد له من محدث قوله (بدليل) ما لنا من التصرفات وإنما قاس الأجسام على تصرفاتنا في الاحتياج إلى محدث لأنها محتاجة إلينا، وإنما احتاجت إلينا لأجل إحداثهما، والعالم قد شاركها في أنه محدث، فيجب إن يشاركنا في الاحتياج إلى محدث.وإن قلت: وما معنى حاجتها إلينا؟.
পৃষ্ঠা ১৪
قلت: بمعنى لولا نحن لما وجدت. فإن قلت: وما الدليل على أنها محتاجة إلينا؟.
قلت: إنها توجد متى أردنا وجودها وتنتفي متى كرهناه، فإن قلت: ما الدليل على أنها إنما احتاجت إلينا لأجل إحداثها؟.
قلت: لأنها لم تحتج إلينا لأجل إعداهما لأن العدم يحصل لها سواء وجدنا أم لا! ولا لوجودها لأن إيجاد الموجود محال، فلم يبق إلا أنها احتاجت إلينا لأجل إحداثها ونعني بالإحداث: إخراجها من العدم إلى الوجود.
فإن قلت: ومن أين أن الأجسام إذا شاركتها في الاحداث وجب أن نشاركها في الاحتياج إلى محدث؟.
قلت: لأن حكم كل مشترك إشتركا في علة حكم أن يشتركا في ذلك الحكم وإلا عاد على أصل تلك العلة بالنقض والإبطال، وهاهنا أصل وهو: أفعالنا وفرع وهو: العالم قد شارك الأصل، وهو: أفعالنا في العلة وهي الإحداث وجب أن نشاركها في الحكم، وهو الاحتياج إلى محدث، وإلا بطل تعليلنا لحاجة أفعالنا إلينا بالأحداث. فإن قلت: فإذا ثبت أن العالم محتاج إلى محدث، فمن أين أن محدث ليس إلا الفاعل المختار؟ فإن قلت: مذهبنا ليس إلا الفاعل المختار، وخالف في ذلك الفلاسفة الإسلاميون والباطنية (1) وأهل النجوم (2) والطبائعية.
أما الفلاسفة فيعبرون عن الباري تعالى بعلة قديمة صدر عنها عقل فرط لأنها لم تكثر من جهة وعن العقل عقل وفلك ونفس فلك قالوا: إنما صدر عنها إلى ثلاثة لأنه قد تكثر من ثلاث حبات وهي:
পৃষ্ঠা ১৫
وجوب وجودة من بارئه، وإن كان وجوده من نفسه عظمة لباريه، بخلاف العلة ثم صدر عن هذا العقل أيضا ثلاثة كذلك فانتهت العقول إلى عشرة، والأفلاك ونفوسها إلى تسعة تسعة قالوا: والعاشر من العقول أخسها إلا إنه المؤثر في عالم الكون والفساد.
وأما الباطنية فيعبرون عن صانع العالم بعلة قديمة لا توصف لا بوجود ولا بعدم ولا بحدوث ولا بقدم. قالوا: لأن وصفه يقتضي تشبيهه فلم يصح، فصدر عنها السابق وعن السابق التالي:
وعن التالي النفس الكلية، فتحركت فيحصل من الحركة حرارة وسكنت فحصل من السكون برودة، ثم حصل من الحرارة يبوسه ومن البرودة رطوبة، فتولد من هذا الهواء والأراض (1)[4أ-أ] والماء والنار فهذه إن اعتدلت وامتزجت أحسن الامتزاج حصل منها الحيوان، وإن اعتدلت دونه حصل منها النباتات، وإن اعتدلت دون ذلك حصل منها المعادن.
قالوا: والسابق والتالي هما: الآهات الموصوفات بما في القرآن من القدرة والعلم والحياة لأهل، وأما الباري فلا، وأما أهل النجوم فيصفون التأثيرات إلى سبعة أفلاك:
وهي: زحل والمشترى والمريخ والشمس والقمر والزهرة وعطارد، وأما الطبائعية فيقولون: حصل العالم بالطبع، والدليل على بطلان مذاهب هؤلاء الفلاسفة.
পৃষ্ঠা ১৬
أما فنقول لهم: هذا إثبات ما لا طريق إليه ومن أين لكم أن أصل العالم عقول، ولم تكن ذلك في كتاب فتقدر طرق شبهته عليكم ثم سلمنا تسليم جدل، فلم قصرتموها على عشرة وهلا بعدت سلمنا إن ثم موجب لذلك فلم جعلتم المؤثر هو العاشر، وهلا كان الخامس أو غيره، وأما الباطنية فنبطل قولهم بأنه إثبات ما لا طريق إليه إلا غير ذلك، وأما أهل النجوم فنبطل قولهم أنها أجسام كما ترون وسيأتي إبطال جسمية صانع العالم.
وأما الطبائعية فنقول لهم: أن الطبع غير معقول، وكفى بالمذهب فسادا أن لا يعقل ثم إن العالم فعل محكم والفعل المحكم لا يصح إلا من عالم، وما هذا حال الطبع ثم إنا نقول سلمنا أن في النطف كما زعمتم أخزى منها ما يكون طبعه أن يكون عظيما.
ومنها ما يكون طبعه اللحمية، ومنها دم، ومنها عصب سلمناه على بعده، واستحالته فما رتب الإنسان على هذا الشكل وهلا كان العينان أسفل، والأضراس في مقدم الفم إلى غير ذلك فبطل ما قاله الخصوم والحمد لله. فإن قلت: قد أبطلت هذه المذاهب ولما ثبت أن الباري تعالى هو الذي أحدثها لا غيره؟.
পৃষ্ঠা ১৭
قلت: إذ قد ثبت أنها محدثة وأنه لا بد لها من محدث فمحدثها إما نفسها أو علة أو فاعل غيره تعالى باطل كونها أحدثت نفسها لأنها لا تؤثر هي في نفسها في حال العدم لأنه يستحيل تأثير المعدوم ولا في حال وجودها لأن إيجاد الموجود محال، ولإنا كنا نجوز أن تحدث أفعالنا أنفسها فيبطل واصفيها إليه أو باطل كون محدثها علة؛ لأنها إن كانت معدومة فمحال تأثير المعدوم، وإن كانت [ 4ب-أ] موجودة قديمة لزم قدم العالم لوجوب مقاربة العلة لمعلولها، وقد علمنا حدوثه وإذا كانت محدثة احتاجت إلى محدث فيتسلسل أو ينتهي إلى علة قديمة فيجب تقدمها قدم العالم أو إلى فاعل مختار قديم، فيجب الاقتصار هاهنا،فثبت بهذا أن محدث العالم ليس إلا الفاعل المختار وذلك هو الله تعالى لأنه لا فاعل غيره مختارا إلا ويكون جسما أو مثلا له، ويستدل على أن صانع العالم لا يكون جسما، وكذلك سيأتي نفي مثله تعالى إن شاء الله تعالى فحصل من هذا إثبات الصانع المختار وأنه ليس إلا الله تعالى والحمد لله.
المسألة الثانية:
(نفي الثاني) وإنما قدمها لأن أسلوب المختصر أسلوب الخطبة قوله:
পৃষ্ঠা ১৮
((واشهد أن لا إله إلا الله)) هذا مذهبنا والخلاف في ذلك مع الثنوية والمجوس والنصارى أما الثنوية فقالوا بصانعين قديمين وهما النور والظلمة، فالخير مخلوق النور ولا يقدر على الشر والشر مخلوق الظلمة، ولا يقدر على الخير والخير عندهم ما تشتهيه النفوس والشر عكسه، وأما المجوس فقال بصانعين أيضا أحدهما يسمى بردان واتفقوا على قدمه وهو الباري تعالى الله والآخر أهزمس وهو الشيطان واختلفوا في قدمه فمنهم من قال به ومنهم من لم يقل به ويخلق بردان الخير وهو المستهما ويخلق أهزمس العكس وأما النصارى فقالوا: بثلاثة كما حكى الله عنهم. فقالوا: بأن الباري جوهر على الحقيقة ثلاثة أقائم على الحقيقة (أقيوم) الأب ذات الباري تعالى وأقيوم (الإبن) وهو الكلمة وأقيوم (روح القدس) وهو الحياة.
والدليل على صحة مذهبنا ما أشرنا إليه في المختصر(1) وهو قولنا (وإلا جوزنا المحالات تلك) المحالات: هي التابعات مثالها أنا نجوز أن يزيد أحدهما تحريك جسم والأخر تسكينه، فإذا وقع مرادهما كان ذلك الجسم متحركا ساكنا وهذا محال، وإن لم يقع بأن يتمانعا خرجا عن الحركة والسكون مع وجوده، وذلك محال فهذه التمانعات وإن وقع مراد أحدهما دل على عجز الأخر والعجز لا يجوز على محدث الجسم لأن من شأنه أن يكون قادرا لذاته على مذهبنا أو لأمر قديم عند غيرنا فلا يجوز عليه العجز حينئذ، وهذا معنى التعجيزات. فإن قلت: فما يبطل قول الخصماء؟.
পৃষ্ঠা ১৯
قلت: تصحيح مذهبنا يكفيك وإن لم يتكلم [5أ-أ]على جهالتهم فإن قلت: زدنا إيضاحا.
قلت: أما الثنوية(1) فنبطل مذهبهم بأن النور والظلمة جسمان عندنا وعند الغير عرضان وسنبين أن صانع العالم لا يكون جسما ولا عرضا. وأما المجوس: أما من قال بقدم أهزمس وهو الشيطان فنبطل قوله من حيث أنه جسم، وقد بينا حدوث الجسم ومن قال بحدوثه فبطل ما قال من إضافة ما تكرهه النفوس إليه نحو الألام لأنها أعراض ضرورية وسنبين أن فاعلها لا يكون سوى القديم، ثم يقال للكل من هؤلاء تحتاجون ثالثا يكون صانع ما لا تكرهه النفوس ولا تشتهيه، وأما النصارى فنبطل قولهم بالمناقضة لأنهم قالوا جوهر على الحقيقة ثلاثة أقائم على الحقيقة، والجوهر المعقول لا يتحرك ولأنه لا يعقل إلا قائما وكفى بالمذهب فسادا ألا يعقل.
المسألة الثالثة:
قوله: (قادرا) حقيقة القادر: هو المختص بصفة لكونه عليها يصح منه الفعل مع سلامة الأحوال (2) ، قلنا: المختص بصفة تلك الصفة هي كونه قادرا وقلنا: لكونه عليها أي: لاختصاصة بها، وقلنا: يصح منه الفعل مع سلامة الأحوال احترازا من أن يكون الفعل مستحيلا في نفسه نحو بأن القديم تعالى فأفهم أن القادر هو منه يصح من الفعل ما لم يكون مستحيلا وليس عدم قدرته على المستحيل يخرجه عن كونه قادرا، بل إذا صح منه الممكن سمي قادرا، فإن قلت: فهذه الصفة التي لأجلها يصح الفعل من الذات أمر زائد عليها أم لا؟.
পৃষ্ঠা ২০
قلت: هذه مسألة خلاف فذهب أبو هاشم وجمهور المعتزلة (1) إلى أن هذا الأمر صفة راجعة إلى جملة الحي في أحاديا زائدة على ذاته، وكذلك هي في الباري تعالى عندهم صفة راجعة إلى ذاته زائدة عليها، وذهبت الملاحمية ( )إلى أن المرجع بهذا الأمر إلى الصحة والسلامة واعتدال المزاج في أحادنا، وفي الباري تعالى إلى ذاته المخصوصة ولم ينبوا أمرا زائدا في الجميع وإلى هذا ذهب الصنو (2) أيده الله تعالى، والصحيح عندنا هو الأول والكلام في الاحتجاج عليهم يطول لا يحمله هذا المختصر، والدليل على أن الله تعالى قادرا بما أشرنا إليه.
وهو أنه صح منه الفعل والفعل لا يصح إلا من قادر، والدليل على أنه قد صح أنه قد وقع والوقوع فرع على الصحة. فإن قلت: فما يلزم المكلف معرفته من هذه المسألة؟.
قلت: أن يعرف أن الله تعالى قادرا فيما لم يزل وفيما لا يزال ولا يخرج عن كونه قادرا بحال، فإن قلت: وكيف سميته قادرا فيما [5ب-أ]لم يزل وأنت تقول لا يصح إيجاد العالم في الأزل.
قلت:إن صحة الفعل ثابتة له في الأزل ولا بد من تقدم الصحة على وقوع الفعل وإذا كان كذلك وصفناه بأنه قادر في الأزل على معنى أنه يصح منه الفعل فيجوز أن نقول يصح منه الفعل فيما لم يزل على معنى أن الصحة ثابتة في الأزل ولا يجوز إن قصدت أنه يفعل فيما لم يزل.
المسألة الرابعة:
পৃষ্ঠা ২১
قوله: (عالما) حقيقة العالم: هو المختص بصفة لكونه عليها يصح منه إيجاد فعله (محكما)ليخرج من لا يصح منه ذلك. فإن قلت: إن المعلوم من نقص من الحيوانات كالنحل والعنكبوت أنها توجد من الأفعال المحكمة ما يعجز عنه أحدنا.
قلت: ذكر مشائخنا أنها معتقدة وأن هذا الاعتقاد في الحقيقة علم لما صح منها الفعل المحكم قالوا: لكن لا يقال لها عالمة لئلا توهم أنها عاقلة ومن لزم العقل التكليف والخلاف في هذا الأمر الذي لأجله صح إيجاد الفعل محكما كالخلاف في مسألة قادر وإليها سمه أنه أمر زائد على الذات شاهدا وغائبا والملاحمية أنه في الشاهد حاله للقلب، وفي الغائب المرجع به إلى تعلق الذات بالمعلوم على ما هو له لا أمرا زائدا، وهو رأي الصنو أيده الله تعالى وليس برشيد عندنا لأمور يطول شرحها، والدليل على أن الله تعالى عالم قوله: "إذ صح محكما ابتدأ" وذلك ظاهر في ترتيب الإنسان فإن فيه من عجائب الصنعة وبدائع الحكمة ما يفوق على كل صناعة محكمة في الشاهد، وكفى بترتيب الإنسان أحكاما. وقلنا: ابتدآء يحترز من الاحتذاء والاقتداء فإن المحكم بأحدهما لا يوصف بالعلم، فالاقتداء نحو أن يكتب الأمي على جنس كتاب العالم مقتديا به والاحتذاء نحو أن يصنع الأمي طابعا على شمع أو نحوه فيقع منه كتاب محكم. فإن قلت: وما الدليل على أن المحكم للفعل ابتداء يوصف لكونه عالما؟.
পৃষ্ঠা ২২
قلت: ما يعلمه في الشاهد فإن العرب سمت الكاتب عالما لما صح منه من الفعل المحكم ما يعذر على الأمي، ولم يسمى الأمي عالما لما لم يصح منه الكتابة، والباري تعالى قد صح منه من الأحكام ما تعذر على الغير فوجب أن نسميه عالما. فإن قلت: وما يؤمنك أنه تعالى أوجد العالم محتذيا أو مقتديا؟.
قلت: الذي أوجد المحتذى به والمقتدي أحكمهما محتذيا أو مقتديا أم لا.
فإن قلت محتذيا سألناك أيضا عن الأول فتسلسل وهو محال!! وإن قلت: مقتديا قلنا اقتصر على المحقق المعلوم [6أ-أ].
المسألة الخامسة:
قوله (حيا موجودا) حقيقة الحي: هو المختص بصفة لكونه عليها يصح أن يقدر ويعلم وتوضيحها كتوضيح ما قبلها وثبت الخلاف فيها أيضا.
أعني أن البهاشمة (1) يجعلون كونه حيا صفة زائدة على جملة الحي في الشاهد وعلى ذاته في الغائب ولأجلها صحة القدرة والعلم فيهما والملاحمية وتابعوهم زعموا أن المرجع بقولنا حي في الشاهد إلى البينة المخصوصة من اللحمية والدمية (2) وفي الغائب إلى ذاته المخصوصة بمعنى لا يسهل أن يقدر ويعلم ولم يثبتوا أمرا زائدا على الذات في الجميع والحق ما ذهب إليه البهاشمة؛ لأنا نقول فلم صح من الباري تعالى أن يقدر ويعلم لذاته المخصوصة المخالفة لسائر الذوات، فنقول: هل هي مخصوصة بأمر زائد على كونها ذاتا فهو قولنا.
পৃষ্ঠা ২৩
أم لا زائد فليس إلا كونها ذاتا وليس ذاته مختصة بكونها ذاتا، وإذا كان كذلك فلم لا تقدر الذوات أجمع لكونها ذواتا لم هو باطل من وجوه جمة منع من استقصائها الاختصار هذه حقيقة الحي.
وحقيقة الموجود: هو المختص بصفة لكونها عليها تظهر عندها الصفات والأحكام المقتضاة عن صفة الذات تلك الصفة هي كونه موجودا.
ومثالها في الجسم أن وجوده حاصل عند تحيزه وصفة التحيز مقتضاة عن الجوهر وهي صفة الذات التي يعلم عليها قبل وجودها وفي الباري تعالى قادر وعالم وحي وقديم، فهذه الصفة مقتضاة عن صفته الأخص عند أبي هاشم (1) فوجود ذات الجسم ذات الباري، وهي الصفة التي أردنا، ظهرت عندها الصفات المقتضاة عن صفة الذات وهي التحيز للجسم والأربع للباري تعالى.
وهي زائدة على الذات عند أبي هاشم وتابعيه شاهدا وغائبا غير زائدة في الجميع عند الملاحمية وزائدة شاهدا وغير زائدة غائبا عند الإمامية (2) والصحيح الأول.
والدليل على أنه تعالى موجود قوله: (إذا كان كذلك) يعني إذا كان قادرا عالما لأنا وجدنا في الشاهد ذاتين أحدهما يصح أن يقدر ويعلم وهو الحي الموجود، والآخر يستحيل منه ذلك وهو الجماد والمعدوم فثبت أن الحي الموجود فارق المعدوم والجماد بصفة لولاها لما صح منه ما تعذر على الجماد والمعدوم، وليست تلك الصفة إلا كونه حيا وكونه موجودا والباري تعالى قد ثبت أنه قادر عالم فيجب أن يكون حيا موجودا.
المسألة السادسة:
পৃষ্ঠা ২৪