قوله "لا يجوز عليه الرؤيات" يعني في الدنيا ولا في الآخرة وهذا مذهبنا وقال الأشعري: نرى في دار الآخرة رؤيا غير معقولة لا من أي الجهات الست ويراه المؤمنون لا غير وقال حسبي أن نراه في الآخرة بحاسة سادسة غير الحواس الخمس، وقال في الحشوية: نرى بالأبصار رؤيا معقولة لأنهم مجسمة وقد تقدم إبطال مذهبهم واحتج القائلون بالرؤية في الكتاب والسنة والكتاب قوله تعالى:[ ] { وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة } (1) والسنة قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: [ ]((سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته)) (2) والدليل على صحة مذهبنا دليلان سمعي وعقلي.
أما السمعي فقوله تعالى:[ ] { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } (3) فإن قلت: ومن أين ثبت أن معنى لا تدركه لا تبصره.
قلت: الإدراك معاني لا يعقل منها في هذا الموضع إلى البصر أحدها: اللحوق: نحو أدرك فلان زمان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أي لحقه. وثانيها: الاتباع: نحو أدركت الفاكهة إذا أينعت ونضجت. وثالثها: البلوغ: كأدركت الصبية أي بلغت. ورابعها: الاحساس بالحواس الخمس: نحو أدركت طعم هذا أو شمه أو صوته وشخصه ومعنى أدركت شخصه أبصرته لا معنى غيره مما ذكرنا [ 8 ب -أ].
فإن قلت: فإذا كان معنى لا يدركه لا يبصره كما يؤمنك أنه نفاه في الدنيا كما قال الخصم لا في الآخرة.
পৃষ্ঠা ৩৪