قوله: (عالما) حقيقة العالم: هو المختص بصفة لكونه عليها يصح منه إيجاد فعله (محكما)ليخرج من لا يصح منه ذلك. فإن قلت: إن المعلوم من نقص من الحيوانات كالنحل والعنكبوت أنها توجد من الأفعال المحكمة ما يعجز عنه أحدنا.
قلت: ذكر مشائخنا أنها معتقدة وأن هذا الاعتقاد في الحقيقة علم لما صح منها الفعل المحكم قالوا: لكن لا يقال لها عالمة لئلا توهم أنها عاقلة ومن لزم العقل التكليف والخلاف في هذا الأمر الذي لأجله صح إيجاد الفعل محكما كالخلاف في مسألة قادر وإليها سمه أنه أمر زائد على الذات شاهدا وغائبا والملاحمية أنه في الشاهد حاله للقلب، وفي الغائب المرجع به إلى تعلق الذات بالمعلوم على ما هو له لا أمرا زائدا، وهو رأي الصنو أيده الله تعالى وليس برشيد عندنا لأمور يطول شرحها، والدليل على أن الله تعالى عالم قوله: "إذ صح محكما ابتدأ" وذلك ظاهر في ترتيب الإنسان فإن فيه من عجائب الصنعة وبدائع الحكمة ما يفوق على كل صناعة محكمة في الشاهد، وكفى بترتيب الإنسان أحكاما. وقلنا: ابتدآء يحترز من الاحتذاء والاقتداء فإن المحكم بأحدهما لا يوصف بالعلم، فالاقتداء نحو أن يكتب الأمي على جنس كتاب العالم مقتديا به والاحتذاء نحو أن يصنع الأمي طابعا على شمع أو نحوه فيقع منه كتاب محكم. فإن قلت: وما الدليل على أن المحكم للفعل ابتداء يوصف لكونه عالما؟.
পৃষ্ঠা ২২