وفي ثبوتهما مرفوعين نظر. والظاهر أن هذا من كلام الصحابة فمن دونهم، وما رواه المخلص عن ابن صاعد حدثنا القاسم بن الفضل بن مريع حدثنا حجاج بن نصير حدثنا هلال بن عبد الرحمن الجعفي عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي هريرة وأبي ذر قالا: (باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من أل ركعة تطوعًا وباب من العلم تعلمه عمل به أو لم يعمل أحب إلينا من مائة ركعة
تطوعًا) وما رواه الخطيب أيضًا عن أبي الدرداء إنه قال: (مذاكرة العلم سلعة خير من قيام ليلة).
وما رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ﴿من سلك طريقا يبتغي فيه علمًا سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة تضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا إنما ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر﴾.
أما وضع الملائكة أجنحتها فتواضعًا وتوفيرًا وإكرامًا لما تحمله من ميراث النبوة، لأنه طالب لما فيه حياة العالم ونجاته ففيه شبه من الملائكة وبينه وبينهم مناسبة، لأن الملائكة يحرصون على منافع البشر يعينونهم على أعدائهم الشياطين ويستغفرون لمسيئهم.
قال الطبراني: سمعت أبا يحيى زكريا بن يحيى الساجي قال: كنا نمشي في بعض الأزقة إلى باب بعض المحدثين بالبصرة فأسرعنا المشي وكان معنا رجل تاجر منهم في دينه فقال: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها كالمستهزئ، فما زال من موضعه حتى حفيت رجلاه وسقط.
وأما استغفار من في السموات ومن في الأرض له فإنه لما كان ساعيًا في نجاة العباد جوزى من جنس عمله وجعل ما في السموات والأرض ساعيًا في نجاته. وقيل سبب هذا الاستغفار أن العالم يعلم الخلق مراعاة هذه الحيوانات ويعرفهم كيفية تناولها واستخدامها وذبحها فاستحق أن يستغفر له البهائم.
وقوله: (فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب) مطابق لحال
القمر والكواكب، فإن القمر يضيء الآفاق ويمتد نوره في أقطار العالم، وأما الكواكب فنوره لا يجاوز نفسه وما قرب عنه، وهذا حال العابد.
ووجه اختيار القمر على الشمس وان كان الشمس أكثر
1 / 52