الفاعل الحقيقي وهو فضل الله تعالى وبالجملة فإطلاق لفظ الاستغاثة لمن يحصل منه غوث باعتبار الكسب أمر معلوم لا شك فيه لغة ولا شرعا فإذا قلت أغثني يا الله تريد الإسناد الحقيقي باعتبار الخلق والإيجاد وإذا قلت أغثني يا رسول الله تريد الإسناد المجازي باعتبار التسبب والكسب والتوسط بالشفاعة ولو تتبعت كلام الأئمة وسلف الأمة وخلفها لوجدت شيئا كثيرا من ذلك بل في الأحاديث الصحيحة كثير من ذلك ومنه ما في صحيح البخاري في مبحث الحشر ووقوف الناس للحساب يوم القيامة بينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فتأمل تعبيره صلى الله عليه وسلم بقوله استغاثوا بآدم فإن الاستغاثة به مجازية والمستغاث به حقيقة هو الله تعالى وصح عنه صلى الله عليه وسلم لمن أراد عونا أن يقول يا عباد الله أعينوني وفي رواية أغيثوني وجاء في حديث قصة قارون لما خسف به أنه استغاث بموسى عليه السلام فلم يغثه بل صار يقول يا أرض خذيه فعاتب الله موسى حيث لم يغثه وقال له استغاث بك فلم تغثه ولو استغاث بي لأغثته فإسناد الإغاثة إلى الله تعالى إسناد حقيقي وإسنادها إلى موسى مجازي وقد يكون معنى التوسل به صلى الله عليه وسلم طلب الدعاء منه إذ هو صلى الله عليه وسلم حي في قبره يعلم سؤال من يسأله وقد تقدم حديث بلال بن الحرث رضي الله عنه المذكور فيه أنه جاء إلى قبره صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله استسق لأمتك أي ادع الله لهم فعلم منه أنه صلى الله عليه وسلم يطلب منه الدعاء بحصول الحاجات كما كان يطلب منه في حياته لعلمه بسؤال من يسأله مع قدرته على التسبب في حصول ما سئل فيه بسؤاله ودعائه وشفاعته إلى ربه عز وجل وأنه صلى الله عليه وسلم يتوسل به في كل خير قبل بروزه لهذا العالم وبعده في حياته وبعد وفاته وكذا في عرصات القيامة فيشفع إلى ربه وكل هذا مما تواترت به الأخبار وقام به الاجماع قبل ظهور المانعين منه فهو صلى الله عليه وسلم له الجاه الوسيع والقدر المنيع عند سيد: ومولاه المنعم عليه بما حباه وأولاه وأما تخيل المانعين المحرومين من بركاته إن منع التوسل والزيارة
পৃষ্ঠা ১৭