العلم والقدرة والسمع والبصر
وأن الله علام الغيوب لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ولا في الدنيا ولا في الآخرة، وأنه القادر الذي لا يعجزه شيء من الأشياء، لم يزل عالما قادرا، ولا يزال قادرا عالما، ليس لقدرته غاية، ولا لعلمه نهاية، وليس علمه وقدرته سواه، هو القادر لا بقدرة سواه، والعالم لا بعلم سواه. وهو السميع البصير، ليس سمعه غيره، ولا بصره سواه، ولا السمع غير البصر، ولا البصر غير السمع، ولا يوصف بسمع كأسماع المخلوقين، ولا ببصر كأبصارهم، تعالى الله عن ذلك، ولكنه سميع لا تخفى عليه الأصوات، ولا الكلام واللغات، بصير لا تخفى عليه الأشخاص، ولا الصور ولا الهيآت، ولا مكان شيء من الأشياء وموضعه، ولا يغيب عليه شيء من أمره وحاله، لم يزل سميعا بصيرا ولا يزال كذلك تبارك وتعالى. وأن له قدرة وعلما وسمعا وبصرا ليس ذلك على إضافة شيء ثان له تبارك وتعالى، ولا كما ظن المشبهون أن له وجها وصورة وتخطيطا وأنها نفس في جسد، حاش لله من ذلك، ولكنه على تحقيق إثباته جل جلاله.
وأن من زعم أن علمه محدث، وقدرته محدثه، كان غير عالم ثم علم، وغير قادر ثم قدر فقد قال قولا عظيما، ومن قال إن علمه وقدرته وسمعه وبصره صفات له، وأنه لم يزل بها موصوفا قبل أن يخلق الخلق، وقبل أن يكون أحد يصفه بها، وقبل أن يصف هو بها نفسه، وتلك الصفات زعم لا هي الله ولا هي غير الله فقد قال منكرا من القول وزورا.
ومن قال بهذه المقالة، ثم زعم أن هذه الصفات لا هي الله ولا هي غير الله، فقد أتى إثما مبينا.
ومن قال ليس لله علم ولا قدرة، ولا سمع، ولا بصر، فقد جهل واجترى، وقال مقالة الزور والفرى. ومن قال لا يقال لله علم، ولا يقال ليس له علم، فقد ضيع من الدين واللغة حظا نافعا. ومن قال علم الله هو الله، وقدرة الله هي الله، وسمع الله هو الله، وبصر الله هو الله، فقد قال في ذلك بالصواب.
পৃষ্ঠা ১১৪