إنا ندين بأن الله واحد أحد، ليس له شبه، ولا نظير، ولا مثل، ولا عدل، ولا كفؤ في وجه من الوجوه، ولا معنى من المعاني، وأنه ليس بذي صورة، ولا حد، ولا غاية، ولا نهاية، ولا بذي أجزاء ولا أعضاء، ولا بعضه غير بعض، ولا يقع عليه الطول والعرض، ولا يوصف بالهبوط، ولا الصعود، والتحرك، والسكون، والزوال، (والعجز، والهرم، والجهل)، والانتقال، والتغير من حال إلى حال. ولا يحويه مكان، ولا يمر عليه وقت ولا زمان، وأنه قبل كل مكان، وحين وأوان، ووقت وزمان، وأنه خلق المكان من غير حاجة إليه، وإنما خلقه لحاجة الخلق إليه، وأنه في السماء إله، وفي الأرض إله، وفي كل مكان إله خالق، مدبر من غير أن يحويه شيء، ولا يحيط به، ومن غير أن يكون حملة العرش يحملونه، تعالى الله عن ذلك، وأنهم يحملون العرش، وأما الله سبحانه وبحمده فإنه أعز وأجل من أن يحمله أحد من الخلق، والخلق أعجز وأضعف من أن ينالوا ذلك منه، أو يقدروا عليه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ومن غير أن يكون كما يستوي الإنسان على سريره، ولكن استوى على العرش، والعرش فهو الملك، واستواؤه ملكه وقهره، بلا ند يشاوره، ولا ضد ينافره، ولا معين يوازره، وهو كما قال الملك في كتابه، بلا كيف ولا تمثيل ولا تحديد. وأنه شيء لا كالأشياء، ولا شيء يعدله سبحانه وبحمده. وأنه ليس بجسم ولا جسد، ولا فيه صفة من صفات الأجساد، ونعتها وهيئتها، من تأليفها واتصالها، واجتماعها، وافتراقها، وكينونة بعضها على بعض، على المجامعة، والمفارقة، والمباشرة، والدخول، والخروج، والقرب في المسافة، والبعد في العزلة والغيبة وطول السفر. وأنه لا يحتجب بشيء من خلقه، ولا يستتر به، ولا يبدو له فيدركه. وأن الفكر لا تبلغه، وأن العقول لا تقدره، والأوهام لا تناله، والضمائر لا تمثله، والأبصار لا تدركه، وأن العيون لا تراه في الدنيا ولا في الآخرة، وأن من زعم أن الأبصار تدركه وأن العيون تراه مجاهرة فقد قال قولا عظيما، وأن من زعم أن العيون تكيفه، أو قال يرى في القيامة بشيء مما عليه العباد، فيرونه بذلك الشيء، أو يدركونه وسمى ذلك الشيء، حاش لله، فقد قال إفكا وزورا، لأن كل من وقعت عليه الرؤية فمحدث، وما مسته الأيدي أو سمعته الأذان أو أدركه الذوق أو الشم فمحدث، وكذلك كلما خلقه الله أو يخلقه فلا يدرك به إلا ما كان محدثا، وكذلك ما في قدرته أن يخلقه مما ليس بحكمه أن يكون، فلو خلقه أو صنعه لم يدرك به إلا ما كان محدثا، والله فهو القديم الدائم، فلا عين تراه، ولا يدرك بأداة، إنما يعرف بخلقه، ويستدل عليه بآياته، وتدبيره في سمائه وأرضه، من صغير الخلق وكبيره، وقليله وكثيره، فذلك سبيل العلم به، والوصول إلى معرفته، وتحقيق ربوبيته، وتصحيح الإيمان به أنه خالق هذا الخلق ومدبره، وصانعه ومقدره، وربه وإلهه ومالكه، لا شريك له ولا نظير ولا معين، ولا وزير، ولا ند ولا ضد، ولا شبه ولا مثل.
وأن من شبهه بشيء من خلقه كائنا ذلك الشيء ما كان، أو وصفه بتحديد، أو زعم أن بيننا وبينه حجبا ساترة، وأنه لو رفعت تلك الحجب لأدركناه ورأيناه فقد قال قولا عظيما. وأن من وصفه بالكيفية والماهية فقد جهل واجترى، وأن من زعم أنه لا يعبد شيئا فهو كما أخبر عن نفسه لا يعبد شيئا، ومن قال هو خالق الشيء ولا يقال له شيء فقد جار وحار عن طريق القصد والهدى.
পৃষ্ঠা ১১৩