وهي أربعة أشياء: الصحة، والقوة، والجمال، وطول العمر. ويتم بالفضائل المطيفة بالإنسان، وهي أربعة أشياء: المال، والأهل، والعز، وكرم العشيرة، ولا سبيل إلى تحصيل ذلك إلا بتوفيق الله ﷿، وذلك بأربعة أشياء هدايته، ورشده، وتسديده، وتأييده.
فجميع ذلك خمسة أنواع هي عشرون ضربًا، ليس للإنسان مدخل في
اكتسابها إلا فيما هو نفسي فقط.
واعلم أن الفضيلة الكاملة والسعادة الحقيقية هي الخيرات الأخروية وما عداها فتسميته بذلك إما لكونه معاونًا في بلوغ ذلك، أو نافعًا فيه. فكل ما أعان على خير وسعادة فهو خير وسعادة.
وهذه الأشياء التي هي معينة ونافعة في بلوغ السعادة الأخروية متفاوتة الأحوال، فمنها ما هو نافع في جميع الأحوال، وعلى كل وجه. ومنها ما هو نافع في حال دون حال، وعلى وجه دون وجه، وربما يكون ضره أكثر من نفعه.
فحق الإنسان أن يعرفها بحقائقها حتى لا يقع الخطأ عليه في اختياره الوضيع على الرفيع، وتقديمه الخسيس على النفيس.
والناس في تحري ذلك قسمان: طالب خير، وهارب من شر. كما قيل:
كل يحاول حيلة يرجو بها ... دفع المضرة واجتلاب المنفعة
والمرء يغلط في تصرف حاله ... فلربما اختار العناء على الدعة
لكن قد يحسب الشحم فيمن شحمه ورم، ويقدر في الشيء أنه رزق نافع
) وحشوه سم ناقع)، ولذلك يحق على العاقل أن يجلي بصيرته، ويعرف من كل ما يطلب حقيقته لئلَّا يكون كمن أراد حبلًا يتنطق به، فرأى حيَّة فظنها مبتغاه، فأخذها فلدغته.
وفد قسمت الخيرات على وجه آخر فقيل:
الخيرات ثلاث: مؤثرة لذاتها، ومؤثرة لغيرها، ومؤثرة تارة لذاتها وتارة لغيرها.
فالمؤثرة لذاتها السعادة الأخروية والنفسية.
والمؤثرة لغيرها الدراهم والدنانير، فإنا لو تصورنا ارتفاع الضرورات التي تستدفع بها لكانت هي والحصباء سواء.
1 / 107