وأما المرجئة فزعموا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، وأنه المأمور به وما سواه فليس بإيمان ، وأن جميع ما أمر الله تعالى من طاعته ليس بإيمان وجميع ما توعد الله تعالى عليه العقاب من الأعمال ليس بكفر . فحلوا عرى الإسلام ، وأبطلوا فائدة الحلال والحرام ، وأرضوا الله بقول : لا إله إلا الله ، ولو طمسوه بالآثام ، وأبطلوا فائدة قول الله - عز وجل - : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتون ) فسبقهم وعيد الله قبل أن يكونوا ، فتسارعوا إلى فعله بعد ما كانوا ، ثم قال : ( ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) فرضوا بأحد القسمين أن يكونوا من الكاذبين ، دون أن يكونوا بالأعمال الصالحات من الصادقين ، فلهذا لعنهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مع سبعين نبيا قبله ، أوهنوا دعوة الأنبياء عليهم السلام إلى الله - عز وجل - ، وفتروا العباد من الأعمال الصالحات ، فجعلهم يهود هذه الأمة الذين قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة .
ذكر السنية والمارقة والشيعة والمشبهة ومسائلهم
والسنية تستقي من مذاهب المرجئة ولن يرضوهم من عبيدهم في الدنيا إلا المثل ، فحلوا جميع ما توعد الله تعالى عليه به العباد على المعصية ، من العذاب الأليم ، والخلود المقيم في جهنم أبد الآبدين ، كأن قول الله - عز وجل - عندهم سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء والحيوان خيالا والسكران خبالا ، وسوغوا في عذاب الله - عز وجل - ووعيده الكذب بعد ما قال : ( لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ، ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) قالوا ذهب الوعيد في البيد . أقبح بهم من عبيد .
পৃষ্ঠা ৩৯