وأما المجوس وأهل الكتابين المذلة في الخافقين : فحسبهم معجزات الرسول من المشرقين إلى المغربين والدلالة عليهم وإبطال مذاهبهم إثبات النبوءة نبوة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، والدليل على نبوته تسع آيات معجزات للخليقة أن يأتوا بمثلها ، ظاهرة التصديق لمن أتى بها ، فثلاث في ذاته وثلاث في كتابه وثلاث في أمته ، أما الثلاث التي في ذاته : فهدي منقول وصدق مقبول وغيب مبذول ، وأما الثلاث التي في كتابه : فتأليف عجيب وتعريف أخبار القرون الذهوب وتوقيف على أسرار الغيوب ، وأما الثلاث التي في أمته : فرجوع العد والتباين ونزول البركات والخزائن وافتتاح البلاد والمدائن ، ومن وراء ذلك الدلالة على نبوته من علم أهل الكتاب وهي ثلاثة أحدها : أن ذكر في التوراة والإنجيل والزبور وكتب أشيعا وغيرها ، والثانية : توقعهم لمبعثه في الجاهلية في الوقت الذي بعث فيه وموضعه ونصوا على زمانه وحينه فصدقوا وصدقهم بكون ذلك ، والثالثة : مرور الفترة والفتر عليه لا يزيد الإسلام إلا قوة ولا الدين إلا ظهورا ولا الدنيا إلا توليا قال الله تعالى : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) . الآية ، إلا أن رجوا رسولا يبعث منهم قبل الساعة ، ولعمري إنه لمذهب بعضهم لا تقوم الساعة حتى يرجع موسى ويحيى بعد موته ويرى ما وعد الله في الدنيا قبل الآخرة ، وقال في التوراة : ( لا يطول أمد الكذب ) فإن قيل فما وجه الدليل في هذه التسع آيات المعجزات ؟ قيل له : أما الهدي المنقول فإطباق المشركين والمسلمين وأعدائه وأوليائه أجمعين أنه لم يكن في زمانه من يدانيه في خصلة من خصال الخير ولا يساويه ، قد اجتمعت له الخصال كلها من العلم والحلم والسخاء والكرم والصدق والنجدة واليمن والبركة في السريرة والعلانية ، وقد فاق في كل خصلة وجمعت له كلها ولم تجتمع لأحد في زمانه .
পৃষ্ঠা ৩২