وأما الطبقة الرابعة : أهل تدابر وتنافر وذلك أنهم استولت عليهم الأئمة الضالة المضلة فلقنوهم الاسم الذي يأتوا به ، ولقنوهم بعض أحزابهم في مفارقتهم في بعض مذاهبهم وآرائهم ، ولقنوهم أن من لم يكن قويا في دينه ومذهبه فليس منهم على شيء ، فوقعت الوحشة بينهم والعداوة والبغضاء فتنافروا وتدابروا وعزا كل واحد منهم لصاحبه مالا يقول ، فرجع التدابر والتنافر بينهم البين بعد ما كان بينهم وبين أهل الشرك أعدائهم .
وأما أهل هرج ومرج : فحين فتر الإيمان عن القلوب وقل العلم وكثر الظلم وقست القلوب لطول المدة وفترت لخلو المادة وانطماس الجادة فهم يتقلبون في قدرة إبليس ولم يرض لهم بدون الهرج والمرج .
والله أعلم بمدد هذه الطبقات وعدد هذه المدات وما وراء ذلك من التعمق في الفنتات التي اضطربت بأفاضل هذه الأمة في الأوقات .
وأما نصيب ظروف المكان في آفات الدين : فكالذي جرى للشيعة والروافض والغالية منهم في تجارتهم مع النصارى في بلاد أرمينيه ، فلقنوهم مذاهبهم في عيسى عليه السلام ، فقبلته منهم الروافض وذهبت به إلى علي حتى جعلوه إلها ، وفي أولاده حتى جعلوهم أنبياء .
وكذلك من جاور أهل البوادي فإن الغالب عليهم الحل والترحال والشقى في اقتناء الأموال والغارات طول الزمان والقتل والقتال .
وأما فتور الأنفس بطول الفترة فحسبك فيه قول الله - عز وجل - : ( فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ) .
وآفة أخرى : الملوك الجورة الظلمة الذين يحملون الناس لجورهم على غير دين الله تعالى حتى يتخذ الناس طرائقهم وسننهم دينا ، ويألفون ذلك ويحسبون أنهم على شيء وليسوا على شيء ، كسيرة الوليد بن عبد الملك والحجاج بن يوسف في الجمعة أنهم يؤخرونها إلى آخر النهار ، وكسيرة الشيعة الجهلة في رمضان ورجوع الأخ واعتقادهم في الخلفاء فأورثوا ذلك أبنائهم .
পৃষ্ঠা ২৯