فافعل. فاستعفاه من ركوب البغلة. وقال أنا اطلع كل يوم بدرسيّ من أصحابي يؤنسني. فكان يطلع الحصن كل يوم ويطلع معه درسي من أصحابه. فإذا وصل إلى باب السادة وقف الدرسي ويدخل الفقيه من غير إذن. فيقرأُ عليه السلطان ما شاء الله. ثم يخرج الفقيه. فكان هذا دأْبه. وكان السلطان ﵀ إذا أراد أن ينزل من الحصن يأمر من يسبقه إلى الفقيه يساَل منه أن يقف له على باب المدرسة. فإذا قابل السلطان ذلك الموضع طرح السلام. ثم رفع يده يشير إلى الفقيه أن يدعو فيفهم الفقيه الإشارة فيدعو والسلطان واقف رافع يده. فإذا مسح الفقيه وجهه مسح السلطان وجهه. ثم يتقدم السلطان حيث يريد. ولما دنت وفاته انتقل إلى بلده فتوفي بها عند طلوع الفجر من يوم الجمعة لليلة أو ليلتين من المحرم أول السنة المذكورة. وكان آخر ما فهم من كلامه لا اله إلاَّ الله ولله الحمد وكان يقول من زمن متقدم. يوم الجمعة وليلتها عليَّ تعتليان. ولعل موتي فيهما. وممن أخذ عنه القاضي محمد بن علي وسيأتي ذكره أن شاء الله تعالى. قال الجندي ومن أحسن ما رأيته معلقًا بخطه ما كتبه عقيب سماع البخاري إذ كتبه لقوم أجازهم
فيا سامعًا ليس السماع بنافع ... إذا أنت لم تعمل بما أنت سامع
إذا كنت في الدنيا عن الخير زاهدًا ... فما أنت في يوم القيمة صانع
وفيها توفي الفقيه الصالح عثمان بن محمد بن الفقيه فضل بن أَسعد بن حمير بن جعفر المليكي الحميري وكان فقيهًا فاضلًا صالحًا عالمًا متأدبًا له محفوظات جيدة. وبديهة حسنة وكان حاضر الجواب. يحسن الإيراد نظمًا ونثرًا. توفي يوم الأحد لثلاث بقين من رمضان من السنة المذكورة. وكان ميلاده آخر نهار الجمعة سلخ شهر المحرم من سنة إحدى وخمسين وخمسمائة والله اعلم.
وفيها توفي القاضي أبو الحسن. علي بن عمر بن محمد بن علي بن أبي القسم الحميري. وكان ميلاده سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة. وأمتحن بقضاءِ إب فكان ذا سيرة مرضية. وكان زاهدًا ورعًا ولو لم يكن من ورعه إلاَّ امتناعه من قبض الرزق
1 / 61