وأما مذهب الإمامين المؤيدين بالله تعالى، والغزالي، فاحتج عليه الإمام يحيى بن حمزة، بأن الضرورة تجوز ذلك، وإلا أدى إلى خلو الزمان عن الأئمة وفي ذلك ضرر وفساد كبير، لأنه يؤدي إلى تعفية أثار الديانة، وإمحاء رسوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطي بساط الجهاد وتعفية أعماله وبطلان أحكامه، إلى غير ذلك من الفساد.
قلت: وهو مذهب قوي حسن، لكن يزاد فيه أنه إذا تعذر الاجتهاد لم يكف أن يكون مقلدا صرفا، بل لا بد أن يكون مميزا تميزا حسنا، عارفا بالله تعالى وصفاته، وما يجوز عليه، وما لا يجوز، له مشاركة في العلوم المحتاجة، مرتقي إلى درجة الترجيح، وهذا المذهب لا يعد مصادما للإجماع، بل قد صرح الإمام المهدي -عليه السلام- بان الإجماع إنما انعقد على اشتراط الاجتهاد عند إمكانه، وأن الخلاف ثابت عند تعذر الاجتهاد.
قال: ونحن نرفع القاعدة هذه، ونقول: إنه لا يتعذر مع بقاء التكليف، وهم يقولون: يجوز تعذره مع بقاء التكليف .
قال: ونحن لا نخالف مع فرض تعذر الاجتهاد، مع بقاء التكليف بنصب الإمام في أن إمامة المقلد حينئذ جائزة وإلا كنا مكلفين بما لا يطاق، ومع تجويز ذلك يرجع الخلاف (إلى) الوفاق من غير شك ولا خلاف بيننا وبينهم إلا في تجويز خلو الزمان عن المجتهد.
قلت: ينبغي أن يقال في تجويز خلو الزمان من مجتهد صالح للإمامة، وأما وجود مجتهد لا يصلح لها ففرض وجوده من مسألتنا هذه كفرض عدمه.
পৃষ্ঠা ৫৮