এই সময়ের আরব: মালিকহীন দেশ
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
জনগুলি
وقد يكون الاقتتال بين حماس وفتح نهاية القاع التي لم تظهر بعد، إزهاق الروح، والكفر بالمقدسات، وتجاوز الخطوط الحمراء، إراقة الدم الفلسطيني بيد الفلسطيني. وقد ضحى عبد الناصر بالوحدة المصرية السورية، أول تجربة وحدوية عربية في التاريخ الحديث لأن العربي لا يريق دم العربي، وأمر بإرجاع الطائرة المحملة بالجنود المصريين لمساندة اللاذقية التي كانت ما زالت تهتف بالوحدة ضد الانفصاليين الانقلابيين المتآمرين في دمشق.
فكيف يتعارض الرمح الذي تمثله حماس، والدرع الذي تمثله فتح؟ كيف تتناقض المقاومة والسلطة، الداخل والخارج، القتال والتفاوض، الثورة والدولة؟ يد تقاتل ويد تصافح كما فعلت الثورة الفيتنامية، وهي تقاتل على الأرض وتفاوض في باريس مع العدوان الأمريكي على مدى خمس سنوات على نهاية الاحتلال. ليست فتح بيتان، وليست السلطة حكومة فيشي، حتى إذا كانت حماس تمثل ديغول والمقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي لفرنسة. وماذا لو اقتتلت فصائل المقاومة في العراق فيما بينهما ضد الاحتلال الأمريكي، سواء قبل الانسحاب أو بعده، وسال الدم العراقي بيد العراقي؟
إنه تدنيس المقدس مرة أخرى، والكفر بالمقاومة بعد الإيمان بها، وتمني عودة قوات الاحتلال للفصل بين المتقاتلين. وهي الذريعة التي يحتج بها الاحتلال للبقاء في العراق. وماذا لو تم الاقتتال بين فصائل المقاومة في الصومال قبل انسحاب قوات الاحتلال الأثيوبي أو بعدها؛ مما يعطي ذريعة للاحتلال وممثليه في الداخل لإضفاء الشرعية عليه حماية للسكان الآمنين، ودفاعا عن وحدة الأوطان؟ وهي نفس المأساة في السودان عندما يريق السوداني دم السوداني باسم الصراع بين الشمال والجنوب، أو بين الخرطوم ودارفور. وهي نفس الجريمة في لبنان عندما يفجر لبناني أو عربي ليقتل رئيسا للوزراء أو نائبا في البرلمان أو مصنعا أو متجرا أو منزلا فوق رءوس قاطنيه.
إن الثورة لا تكون في الحكم إلا بعد النصر طبقا لشعار المقاومة «ثورة حتى النصر». هذه هي تجارب الثورات المنتصرة في الصين وفيتنام وجنوب أفريقية ومصر. أتى هوشي منه إلى الرئاسة بعد انتصار الثورة الفيتنامية، وأصبح نيلسون مانديلا رئيسا لجمهورية جنوب أفريقية بعد هزيمة الحكم العنصري، وأصبح سعد زغلول رئيسا لوزراء مصر بعد ثورة 1919م، وعبد الناصر رئيسا لجمهورية مصر بعد ثورة 1952م. ثم يتم التحول من فورة الثورة إلى عقل الدولة. وقد أطلق بن جوريون النار على الهجرات اليهودية غير الشرعية إلى إسرائيل بعد إعلان تأسيس الدولة في 15 مايو 1948م؛ لأن الدولة هي التي تقوم الآن بتنظيم الدخول والخروج من البلاد.
إن السلطة في الدولة المحتلة، مثل فلسطين والعراق وأفغانستان، لا تكون إلا في الوحدة الوطنية بين فصائل المقاومة وفرقاء النضال، والاجتماع على الحد الأدنى في برنامج العمل الوطني، وفي مقدمته انسحاب المحتل.
أما السلطة تحت الاحتلال فهي سلطة دون سلطة، النصر قبل الثورة، القصر قبل القبر، العربة أمام الحصان.
إن تدنيس المقدس، وعبور الخط الأحمر وهو إراقة دم الفلسطيني بيد الفلسطيني، يجعل الفلسطيني يكفر بكل شيء؛ بمقاومته وبدولته، بفتح وحماس، وبالسلطة الوطنية؛ فلا فرق بين الوطني الفلسطيني والعدو الصهيوني في استباحة الدم الفلسطيني. وقد يكون المقاتل الفلسطيني الذي يحكم على مقاتل فلسطيني آخر بالإعدام، وينفذ فيه الحكم، ويسحله بالطرقات، أشد عداوة للفلسطيني من قتل العدو الإسرائيلي للفلسطينيين الأبرياء بهدم المنازل وقصف الأحياء بالصواريخ، أو التصفية الجسدية لنشطاء المقاومة وقياداتها.
وقد يكفر العرب بكل شيء، بالوطن؛ فالولاء للخارج والتعاون مع الأجنبي أكثر أمنا. ويكفون عن تأييد المقاومة باليد وباللسان، وحتى بالقلب. وقد يكفرون بالقومية لحساب الهويات البديلة، الطائفية المذهبية والعرقية لحماية نفسه من خلال الانتماء إلى الجماعة الصغرى بعد أن انقضت الجماعة الكبرى. ويكفرون بالإسلام وبالدين وبالإيمان وبالمسلمين. ففتح جذورها إسلامية إخوانية، وحماس انتماءاتها إسلامية إخوانية، والإسلام قد حرم الاقتتال بين المسلمين، وجعل دم المسلم وعرضه وماله حراما. ويكفرون بكل تاريخهم وماضيهم وحركاتهم الوطنية السابقة، وبتكاتفهم مع كل حركات الاستقلال الوطني في العالم الثالث، وبكل إنجازاتهم في الخمسينيات والستينيات ورموزها؛ فرانز فاتون، أميه سيزيه، نكروما، سيكوتوري، جيفارا، كنياتا، موجابي ... إلخ. ولماذا لا يعترفون بالصهيونية ويفاوضونها ويصالحونها، ولماذا لا يتحالفون مع قوى الاستعمار القديم والجديد ما دامت النهاية واحدة؛ إراقة الدم الفلسطيني الذي أصبح بلا ثمن؟
إن تدنيس المقدس هو الذي أدى بإلقاء صور ياسر عرفات رمز الثورة الفلسطينية على الأرض ودهسها بالأقدام، وهو ما لم تفعله إسرائيل، وهو الذي أدى إلى سيطرة حماس على غزة، وفتح على الضفة الغربية، وإسرائيل تسيطر عليهما معا بما في ذلك القدس.
إن الاقتتال بين فصائل المقاومة يحدث عادة بعد انتصار الثورة كما حدث في الجزائر، وفي تونس، وفي الثورة الاشتراكية في 1917م في روسية وليس قبلها. وكيف يقع الاقتتال على قسمة الغنائم والنصر لم يحدث بعد؟ حينئذ يكون نصرا في الهواء، وتكون السلطة وهمية، والاقتتال على وهم.
অজানা পৃষ্ঠা