أسبابا تأباها طباع الغبي الغافل، ولا ينكره نفس الذكي العاقل، فإنها وإن كانت بعيدة من العادات المعهودة والمشاهدات المألوفة لكن لا يستعظم شيء مع قدرة الخالق وجبلة المخلوق (1).
وجميع ما فيه: إما عجائب صنع البارئ تعالى، وذلك إما محسوس أو معقول لا ميل فيهما ولا خلل، وإما حكاية طريفة منسوبة إلى رواتها لا ناقة لي فيها ولا جمل، وإما خواص غريبة وذلك مما لا يفي العمر بتجربتها ولا معنى لتركها كلها لأجل الميل في بعضها، فإن أحببت أن تكون منها على ثقة فشمر لتجربتها، وإياك أن تغتر أو تلم أو تمل إذا لم تصب في مرة أو مرتين فإن ذلك قد يكون لفقد شرط أو حدوث مانع، وحسبك ما ترى من حال المغناطيس وجذبه الحديد فإنه إذا أصابه رائحة الثوم بطلت تلك الخاصية فإذا غسلته بالخل عاد إليه، فإذا رأيت مغناطيسا لا يجذب الحديد فلا تنكر خاصيته فاصرف عنايتك إلى البحث عن أحواله حتى يتضح لك أمره، على أني أشهد الله تعالى أن شيئا منها ما افتريته، بل كتبت الكل كما علمته فإن نظرت إليها بعين الرضا ؛ فإنها عن كل عيب كليلة، وإن نظرت بعين السخط؛ فإن المساوئ كثيرة وعين الكريم عن المعائب عميا
عين المحب عن كل عيب كليلة
وعين الحسود تبدي المساويا
وأذنه عن المساوئ صما، ولله در القائل:
فقلت لهم لا تنسوا الفضل بينكم
فليس يرى عين الكريم سوى الحسن
وسميته: عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات.
ولا بد من ذكر مقدمات أربع في شرح هذه الألفاظ ليتبين منها مقصود الكتاب، والله الموفق للصواب.
عين المحب عن كل عيب كليلة
وعين الحسود تبدي المساويا
পৃষ্ঠা ৬