ومن هذا القبيل ما أخبر الله تعالى في كتابه عما جرى بين الخضر وموسى عليهما الصلاة والسلام وما ذكر أيضا أن موسى اجتاز بعين ماء في سفح جبل فتوضأ ثم ارتقى الجبل ليصلي إذ أقبل فارس وشرب من ماء العين وترك عندها كيسا فيه دراهم فجاء بعده راعي غنم فرأى الكيس فأخذه ومضى ثم جاء بعده شيخ عليه أثر البؤس والمسكنة، على ظهره حزمة حطب فحط حزمته هناك واستلقى ليستريح فما كان إلا قليل حتى عاد الفارس يطلب كيسه فلما لم يجده أقبل على الشيخ يطالبه به، فلم يزل يضربه حتى قتله فقال موسى: يا رب كيف العدل في هذه الأمور؟
فأوحى الله عز وجل إليه: إن الشيخ كان قد قتل أبا الفارس وكان على أبي الفارس دين لأبي الراعي مقدار ما في الكيس؛ فجرى بينهما القصاص وقضى الدين وأنا حكيم عادل.
ولقد حصل لي بطريق السمع والبصر والفكر والنظر حكم عجيبة وخواص غريبة فأحببت أن أقيدها لتثبت، وكرهت الذهول عنها مخافة أن تفلت، وقد كثرت على عواطف المولى الصاحب الصدر الكبير العادل المؤيد المظفر، شمس الدولة ظهير الملة علاء الدين عماد الإسلام نظام الملك غياث الأمة عطاء الملك بن محمد بن محمد، ضاعف الله جلاله وأدام في العز العلاء إقباله، فإنه مع شريف منزلته على مرتبته مشهور بالكرم والإحسان، مذكور لوفور الفضل عن أهل الزمان، وقد خصه الله تعالى بمكارم الأخلاق وفضائل الحسب والمجد الموروث والمجد المكتسب، فخدمت بهذا الكتاب مجلسه الرفيع أدام الله رفعه وكبت أعداءه وحسدته فإنه منبع الخيرات ومعدن المسرات، شكرا لأياديه السابقة
له أياد علي سابغة
أعد منها ولا أعددها
(2)؛ وقضاء لحقوقه اللاحقة ورجاء أن يتخلد اسمى بتخليد ذكره الشريف، ويتأيد وسمى بتأيد عزه المنيف، والله ولي التوفيق وعلى ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
2 فصل
وعلى الناظر في كتابي هذا أن يعني في جمع ما كان مبددا، وتلفيق ما كان مشتتا وقد ذكر فيه
له أياد علي سابغة
أعد منها ولا أعددها
পৃষ্ঠা ৫