ومن المعلوم إنما عنوا هذا النظم؛ لأن الشعر كلام موزون، فلا يسمى به معنى، ولا ما ليس بكلام، فسماه الله تبارك وتعالى ذكرا، وقرآنا مبينا، فلم يبق شك لذي لب في أن القرآن هو هذا النظم دون غيره، وكذلك سموه مفترى. فقال الله تعالى: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله} {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا. وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا}. فرد الله عليهم قولهم فقال: {قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض}، وقالوا: {إنما يعلمه بشر}. فقال الله تعالى: {قلن نزله روح القدس من ربك بالحق} وهذا لا يتعلق إلا بهذا النظم، وقد رد الله عليهم وأخبر بكونه قرآنا.
الثالث: أن بعض الكفار زعم أنه يقول مثله، قال الله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا}. ومنهم من طلب تبديله، قال الله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله} ونهى بعضهم بعضا عن سماعه وأمروا باللغو فيه فقال تعالى: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} وقال: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} وقال: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه}.
ومن المعلوم البين: أن هذا كله لا يتعلق إلا بهذا الكتاب دون ما في النفس، فإن الكفار ما اعتقدوا في نفس الباري شيئا يريدون تبديله، أو يزعمون أنهم يقولون مثله، ولا ينهون عن سماعه، ولا التمسوا تبديله على غير النبي صلى الله عليه وسلم مع إشارتهم إلى حاضر.
الرابع: أن الله سمى القرآن عربيا. فقال: {قرآنا عربيا غير ذي عوج}، أي غير مخلوق، وقال: {إنا جعلناه قرآنا عربيا}، وقال: {بلسان عربي مبين}. وقال: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته}. وسماه حديثا بقوله: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث} وقال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث}، وقال: {فليأتوا بحديث مثله}.
পৃষ্ঠা ১২৯