وقالت: ما هذا بقرآن قصدا للرد على المعتزلة قولهم: القرآن مخلوق، فجاءت بطامة، إذ من لوازمها: كون القرآن مخلوقا، فإن المعتزلة لم يعنوا بالقرآن المخلوق سوى هذا الكتاب، وهذه الطائفة تقول: هو، ليس بقرآن، فليتها صرحت بقول المعتزلة، ووقفت عليه، ولم تفرد هذه الزيادة التي لم يقلها قبلها أحد، ثم إنهم مع جحدهم كون هذا قرآنا لا يتجاسرون على إظهار مقالتهم بسلاطين المسلمين، ولا لعامتهم، وإنما يظهرون لهم إنكار الحروف، لكون لفظها لم يرد في نص الكتاب، وهذا إنما يلبس على عامي غمر ما له من فطنة، فيعلم يقينا أن السورة آيات، والآيات كلمات، والكلمات أحرف، ولا شك في ذلك، ثم قد صرح النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه والتابعون، ومن بعدهم بالحروف، وعد الناس حروف القرآن في الأمصار، ولم ينكر هذا منكر قبل هذه الطائفة، وما أنكرت هذه الطائفة الحروف على الخصوص، إنما أنكرت هذه الطائفة القرآن كله وجحدته، ثم إن الله تعالى قد أزاح العلة بتلك الحروف المقطعة في أوائل السور، فافتتح تسعا وعشرين سورة بالحروف المقطعة قطعا للعذر، ونفيا للإشكال، حتى إني سمعت بعض أهل العلم يقول: إن من جحد سورة البقرة من القرآن فهو كافر بالإجماع، ومن أقر أنها من القرآن فقد أقر بالحروف يعني:
أن في أولها: الم، وهي حروف، وزعم بعض متحذلقي هذه الطائفة أن: الم، ليست حروفا، وإنما هي أسماء للحروف، فخالفوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والأمة، فإنهم يسمون هذه حروفا، ثم لا ينفعه هذا، فإن أسماء الحروف: حروف، فالألف ثلاثة أحرف، واللام ثلاثة أحرف والميم ثلاثة أحرف، إنما هي تسعة فتحذلق فزلق كما قيل:
هكذا كل أخي حذلقة ... ما مشى في مس إلا زلق
পৃষ্ঠা ১৪০