يستوزره فأبى، فركب السلطان إليه فامتنع (١).
وقال ياقوت الحمويّ: (حدّثني أخوه المذكور - أى عز الدين - قال:
حدثني أخي أبو السعادات قال: لقد ألزمني نور الدين بالوزارة غير مرة، وأنا أستعفيه حتى غضب مني، وأمر بالتوكيل بي -[أى بإقامة وكيل لي]- قال:
فجعلت أبكي، فبلغه ذلك، فجاءني وأنا على تلك الحال: فقال لي: أبلغ الأمر إلى هذا؟ ما علمت أن رجلا ممن خلق الله يكره ما كرهت، فقلت أنا يا مولانا رجل كبير، وقد خدمت العلم عمرى، واشتهر ذلك عني في البلاد بأسرها وأعلم أنني لو اجتهدت في إقامة العدل بغاية جهدي ما قدرت أؤدّي حقه، ولو ظلم أكّار -[أي: حرّاث]- في ضيعة من أقصى أعمال السلطان لنسب ظلمه إلي، ورجعت أنت وغيرك باللائمة عليّ، والملك لا يستقيم إلا بالتسمّح في العسف وأخذ هذا الخلق بالشدة، وأنا لا أقدر على ذلك.
فأعفاه، وجاءنا إلى دارنا، فخبّرنا بالحال، فأما والده وأخوه فلاماه على ذلك الامتناع، فلم يؤثر اللوم عنده أسفا) (٢).
مرضه:
أقعد ابن الأثير في آخر أيامه، وعجز عن الحركة؛ إذ عرض له مرض النقرس (٣)، فكفّ يديه ورجليه، ومنعه من الكتابة مطلقا، واشتد به المرض فكان النهوض يصعب عليه (٤).
_________
(١) البداية والنهاية (١٣/ ٥٤).
(٢) معجم الأدباء (١٧/ ٧١ - ٧٢).
(٣) شذرات الذهب (٥/ ٢٢).
(٤) عقود الجمان (٦/ ١٥ ب).
مقدمة / 58