ثم يتفقد أحوالهم، فمن حسنت سيرته ومناصحته يضاعف الاحسان إليه حتى يتشبه به غيره، وتجتهد الجند فى الطاعة لله تعالى ولملكهم.
ويحكى عن بعض ملوك العرب أنه كان يخرج فى بعض الليالى الباردة فيصلي الفجر وعشاء الاخرة في جامع قلعته ، وللجامع ابوابا مشرعة(1) الى البلد تفتح في وقت الصلاة، فإذا سلم الإمام أمر بغلق الأبواب على الناس، تم يامر لكل من حضر الصلاة بخمسة دنانير أو بثمانية، وربما امر بعشرة، وكذلك يفعل في يوم عاشوراء المحرم، والقصد بذلك الترغيب في الخير والمواظبة على الصلوات().
ويجب للملك أن يحسن النظر في حال الأمراء وتقديمهم وارتفاع درجاتهم لمن تظهر منه النجابة والشهامة(3) والدين، ولا يفعل ذلك بالهوى وميل النفس بل بالفكرة والمشورة والتجربة، فان الخطا في ذلك مضر، فانه ربما يخف على قلبه شخص ويثقل اخر، فيكون الخفيف غير اهل لما حصل له من التقدمة، والآخر اهل لها فيحصل الخطأ وتتولد المضرة، كمن يتناول الحلو الضار ويترك المر النافع. فليشدد الاحتراز في ذلك، ويفرق بين الشريف والمتشرف، والجندي والمتجند، فانه إن اهمل ذلك1 وقدم على غير نسق صارت الرؤوس اذنابا، والاذناب رؤوسا. وتحكيم الصغار شديد المضرة سريع الخلل، ومن اعتبر سيرة من مضى في زماننا هذا، وجد وقائعا كثيرة من هذه النسبة حصل بسببها ما لا استدرك فارطه.
পৃষ্ঠা ১০৮