خاطرت في هواك مهجة صب ... هويت منك ذابلًا خطارا
ومنها:
لا تلمني فما التصابي بعار ... قبل يسترجع الصبا ما أعارا
وقولي من قصيدة أخرى وفي البيت الأول الاشتقاق، وفي الذين بعده الجناس المطلق:
ولائم لام على حبه ... جهلًا بأمر الحب وهو المليم
يروم مني الغدر فيه وما ... ذمام ودي في الهوى بالذميم
صم صدى العاذل في حب في ... أسكنته في مهجتي في الصميم
وقول الآخر:
إن فصل الربيع فصل مليح ... تضحك الأرض من بكاء السماء
ذهب حيثما ذهبنا ودر ... حيث درنا وفضة في الفضاء
وقول بعضهم:
بجانب الكرخ من بغداد عن لنا ... ظبي ينفره عن وصلنا تفر
ظفيرتاه على قتلي تظافرتا ... يا من رأى شاعرًا أودى به الشعر
وقول الآخر:
إذا أعطشتك أكف اللئام ... كفتك القناعة شبعًا وريا
فكن رجلًا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا
وقول الشيخ العميد:
إذا بلغ الحوادث منتهاها ... فرج بعيدها الفرج المطلا
فكم كرب تولى إذا توالى ... وخطب قد تجلا حين جلا
وقول الآخر:
رب خود عرفت في عرفات ... سلبتني بحسنها حسناتي
لم أنل في منى منى النفس لكن ... خفت بالخيف أن تكون وفاتي
وقول المعري:
لا تنزلي بلوى الشقائق فاللوى ... ألوى المواعد والشقيق شقاق
تنبيه: - علم بالأمثلة المذكورة أنه ليس المراد بما يشبه الاشتقاق في الجناس المطلق، الاشتقاق الكبير، لأن الاشتقاق الكبير، هو الاتفاق في حروف الأصول من غير رعاية ترتيب، مثل، القمر والرقم والمرق، ونحو ذلك. والأسف ويوسف؛ وقال والقالين ليس من هذا القبيل، وهو ظاهر نبه عليه السعد التفتازاني في شرح التلخيص.
إذا عرفت هذا فالشيخ صفي الدين (ره) جمع بين الجناس المركب والمطلق في المطلع فقال:
إذن جئت سلعًا فسل عن جيرة العلم ... واقر السلام على عرب بذي سلم
فالمركب في قوله: (سلعا) و(سل عن)، والمطلق في (السلام) و(السلم) .
وابن جابر جاء المركب في بيت، وبالمطلق في بيت، فقال في المركب:
دع عنك وسل ما بالعقيق جرى ... وأم سلعا وسل عن أهله القدم
وقال في المطلق:
جار الزمان فكفوا جوره وكفوا ... وهل أضام لدى عرب على أضم
قال ابن حجة: المطلق في (أضام) و(أضم) . وأما (جار) و(جوره) فمشتق، ولكن لم يخف ما في البيتين من الثقل مع خفة الالتزام. انتهى. قلت: وهو - أعني المطلق - في (كفوا) و(كفوا) أيضًا كما هو ظاهر.
وبيت الشيخ عز الدين الموصلي قوله:
فحي سلمى وسل ما ركبت بشذا ... قد أطلقته أمام الحي من أمم
فأتى بالنوعين في بيت واحد، وورى بالاسمين من جنس الغزل.
وبيت ابن حجة قوله - وحذا فيه حذو الموصلي-:
بالله سربي فسربي طلقوا وطني ... وركبوا في ضلوعي مطلق السقم
والشيخ عبد القادر الطبري لم يذكر في بديعيته إلا الجناس المركب، وأما المطلق فلم يجر له ذكرًا فقال:
فأم سلعًا وسل عن أهله فهم ... قد ركبوا في الحشا نارًا ببعدهم
وبيت بديعيتي هو:
دعني وعجبي وعج بي بالرسوم ودع ... مركب الجهل واعقل مطلق الرسم
وبيت بديعيتي هو:
دعني وعجبي بي بالرسوم ودع ... مركب الجهل واعقل مطلق الرسم
فالمركب في (عجبي) و(عج بي) والمطلق في (الرسوم) و(الرسم) فالرسوم: الآثار، والمراد هنا آثار الديار بقرينة المقام. والرسم: صفة للأينق التي تمشي الرسيم، وهو نوع من سير الإبل، فحذف الموصوف وأبقى الصفة وهو كثير الوقوع في فصيح الكلام، قال تعالى (وعندهم قاصرات الطرف) أي حور قاصرات الطرف (وألنا له الحديد أن اعمل سابغاتٍ) أي دروعًا سابغات. والعجب بالضم: الزهو والكبر. وعاج يعوج، أي أقام بالمكان ووقف. والجهل المركب: خلاف البسيط، فإن المركب هو عدم العلم مع اعتقاده، فهو مركب من الجهل والجهل بالجهل. والبسيط، هو عدم العلم فقط. قال بعضهم:
قال حمار الحكيم يومًا ... لو أنصفوني لكنت أركب
لأنني جاهل بسيط ... وراكبي جاهل مركب
1 / 20