انصرف الطفيلي ... وما كاد يغيب عن المجلس حتى سمعت ضجة في الخارج، فإذا بالوزير الأكبر الفضل قادما محمولا كعادته على كرسي مجنح، وكان المأمون قد أجاز له ذلك تكريما له، وسماه ذا الرياستين!
وأقبل الفضل في هذه الهيئة، حتى إذا كان على مرأى من المأمون نزل وترجل، وسلم على أمير المؤمنين وجلس عن يساره، فقال المأمون: كيف حال العراق يا فضل ؟ - إنها حال تسر أمير المؤمنين، وتكبت أعداءه ... إن العراقيين يلتفون حولك ويخلصون لمولاي الحب والولاء. - وما شأن إبراهيم بن المهدي فيهم؟ - إنه مخذول منبوذ في طائفة قليلة من رعاع القوم.
فسكت المأمون مليا وقال: ولكن الوافدين من بغداد يقولون غير ذلك.
فقال الفضل في غير تريث: وهل دخلت على أمير المؤمنين يوما بكذب، أو حدثته بغير ما أعلم، أو مالأت أحدا عليه؟ وإذا كان أمير المؤمنين قد شرفني بثقته ورفعني إلى موضع أمانته وسره، فكيف يقول لي هذا القول؟! - لا والله يا فضل ما علمت عنك سوءا. ولكن إذا كانت الحال على ما تصف، فكيف أنباء جيش حميد بن عبد الحميد؟ - إنه على ما يحب أمير المؤمنين، قد انتصر منذ الساعة الأولى. - ولكني علمت أنه خسر الجولة الأولى بين جيشه وجيش إبراهيم!
وهنا دخل الحاجب يستأذن لهرثمة بن أعين أحد قواد العباسيين القدماء، وأكبرهم في عهد المهدي والرشيد، وكان بينه وبين الفضل بن سهل ضغينة ولم يكن راضيا عن سياسته. فأذن له ودخل، فقال: السلام على مولاي أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
المأمون :
وعلى هرثمة السلام والبركات. لماذا تجشمت كل هذا السفر يا أبا حاتم؟
9
هرثمة :
تجشمت ذلك، لأقضي حق الله في طاعة أمير المؤمنين وأنبهه إلى أمره وأقوم بالنصح له.
অজানা পৃষ্ঠা