নাৎসি জার্মানি: আধুনিক ইউরোপীয় ইতিহাসের একটি অধ্যয়ন (১৯৩৯-১৯৪৫)

মুহাম্মদ ফুআদ শুকরি d. 1392 AH
114

নাৎসি জার্মানি: আধুনিক ইউরোপীয় ইতিহাসের একটি অধ্যয়ন (১৯৩৯-১৯৪৫)

ألمانيا النازية: دراسة في التاريخ الأوروبي المعاصر (١٩٣٩–١٩٤٥)

জনগুলি

فقد أخذ عدد الهاربين من المقاتلة الألمان إلى الجيش الأحمر يزداد منذ بداية الحملة الروسية حتى بلغ درجة جعلت من المتعذر الاعتقاد بأن حوادث الهرب كانت حوادث فردية ، ولا تدل على فقدان الرغبة في القتال لدى شطر من الجنود الألمان في الجبهة الشرقية. ومنذ 18 مارس 1942 أشارت صحيفة النازيين الرسمية «فولكشير بيوبختر» إلى هذه الحالة إشارة خفية عندما قالت:

إن الجنود الألمان يفكرون في البرد والقمل وغيره من كلام أكثر مما يفكرون في وطنهم، فإذا فتح جندي فاه في الجبهة الروسية فعل ذلك دائما للشكوى من البرد أو من أن مطبخ الميدان لا يعد الطعام في موعده، أو من أن الخبز قديم أو غير ذلك من الشكاوي.

وجاء في مفكرة يومية عثر عليها الروس بين أوراق «ألفريد روهيل» أحد الضباط الألمان الذين سقطوا في الميدان الأوسط بالقرب من «أفاوفو» في غربي موتزايسك في آخر يناير 1942 ما يؤيد انتشار روح التذمر في الجيش إبان الحملة الروسية. فقد دون هذا الضابط في مذكرته بتاريخ 28 ديسمبر 1941: «إنه من الصعب على المرء أن يفهم ما يحدث الآن، فإننا نتقهقر، مع أننا لم نتقهقر في بولندة، ولم نتقهقر في فرنسا أو اليونان، ولكن هنا في الروسيا، بدلا من التقدم إلى الأمام بدأنا لسبب ما نتقهقر، وهذا أمر يصعب فهمه لا سيما وأن «الزعيم» أكد لنا أن الروس سوف يخرون صرعى، وأن الحملة الروسية لا بد منتهية في ختام عام 1941 حتى يستطيع الانتهاء من الإنجليز أيضا في عام 1942. ولكن هذه الآمال تنهار الآن كأنها بيت من الورق.» وكتب الضابط أيضا في 8 يناير 1942: «لقد أصبح جنودنا غير أولئك الذين عهدناهم من قبل، إنهم الآن يلزمون الصمت ويصعب على المرء أن يجد من يتحدث إليه منهم، بل إنه ليبدو عليهم التجهم وعدم الثقة، وصحيح أن الجنود ما زالوا يخشون بأس الضباط، ولكن العلاقات القائمة بين الطرفين قد تغيرت نوعا ما، حتى إن الإنسان ليشعر بوجود توتر غير طبيعي. وذلك نذير سوء.» وكتب في اليوم التالي : «اختفى من فرقتنا أمس ثلاثة رجال، ولم يكن هذا الحادث الأول من نوعه، والظاهر أنهم هربوا أو سلموا للعدو.» وكتب في 20 يناير: «اخترق الروس صفوفنا ثانية، ونحن في خطر التطويق وخسارتنا جسيمة ، والجنود متجهمون، يبدو عليهم الوجوم، وحبذا لو أمكن معرفة ما يجول بخاطرهم، ولكنهم يلزمون الصمت دائما، وهذا الصمت يرهق أعصابنا كثيرا.» وذكر في 21 يناير: «لا شك أن الجنود يكثرون من الكلام فيما بينهم، ولم يعد النظام دقيقا، وحدث أمس أن الجندي «هانز إيبرت» أرسل إلى مركز أمامي للمراقبة، ولكنه سرعان ما رجع إلى الجنود لاهثا مذعورا، ولم يعد إلى مركزه إلا بعد أن هدد بإطلاق الرصاص عليه.» وفي 22 يناير كتب يقول: «تزداد نفسية الجنود سوءا يوما بعد يوم ... وقد حدث أمس أن رفض عدد منهم القيام بهجوم مضاد، حتى اضطررنا إلى تهديدهم بإطلاق نيران المدافع الرشاشة عليهم. وقد حاول ثلاثة من الرجال التسليم إلى العدو، فأعدموا رميا بالرصاص. إن النجدات التي تصل إلينا هي من رجال الاحتياطي غير المدربين ...» وأخيرا دون في مذكرته بتاريخ 24 يناير: «وصلت إلينا أوامر تحتم علينا عدم التقهقر خطوة واحدة، وقد أنذر الضباط بأنهم سوف يقدمون إلى المحاكم العسكرية إذا انسحبوا أو تقهقروا قبل أن تصل إليهم أوامر بذلك. ولكن إصدار الأوامر شيء، وإطاعتها شيء آخر، ويبدو أن القيادة العامة لا تدري بكل ما يجري في هذه الجهات على وجهه الصحيح ... إن معركة اليوم يقصد من ورائها الاستيلاء على «أفاروفو» ...» وفي هذه المعركة قضى صاحب المذكرات نحبه.

ومن أمثلة التسليم المقصود إلى العدو ما وقع في أكتوبر 1941 في الجبهة الشمالية عندما أرغم جنود إحدى آلايات المشاة على رفع راية التسليم البيضاء، فقد غادروا أماكنهم آخذين معهم ضابطهم وسلموا أنفسهم لرجال الجيش الأحمر، وقد حدث أن وقف أحد هؤلاء الجنود خطيبا يتنبأ بقرب انهيار النازية ويحض الجنود الألمان على وقف القتال. وحدث في فبراير 1942 أن عهد إلى فريق من جنود المشاة بمهمة تغطية تقهقر الجيش، ولكنهم بدلا من ذلك «لم يطلقوا رصاصة واحدة على العدو ، وعندما اقترب الروس منهم، أرسل رئيسهم مندوبا يبلغهم رغبة جنوده في التسليم». وفي غير الميدان الروسي أمثلة عدة للهرب من الجيش والتسليم للعدو ورفض القتال، حتى إن القيادة العليا الألمانية وجدت من الضروري إرسال الجستابو وطائفة من الجنود المتحمسين للنازية للانضمام إلى القوات المحاربة في الميدان لمراقبة الهاربين أو الراغبين في التسليم أو الممتنعين عن تنفيذ الأوامر والقبض عليهم وتقديمهم إلى المحاكم العسكرية أو إطلاق الرصاص عليهم بدلا من ذلك في التو والساعة. فقد حدث في نوفمبر سنة 1941 أن رفضت وحدة ألمانية في ليل

Lille

على حدود فرنسا الشمالية الشرقية مغادرة الثكنات والانتقال إلى الجبهة الشرقية، فأطلق الرصاص على تسعة وعشرين منهم، وألقي القبض على ثلاثمائة، وأعدم في الشهر نفسه ستة من الجنود الألمان في بتسامو في طرف فنلندة الشمالي لمحاولة الهرب. وفي 23 ديسمبر 1941 حدث في قرية «ميليخوفو» بالقرب من «بلجورود» أن رفض تسعون جنديا إطاعة أوامر الهجوم فأطلق الرصاص عليهم. وفي يناير 1942 أطلق الرصاص على عدد من جند الآلاي السابع والثلاثين بعد المائة بسبب التمرد والعصيان. وفي نفس الشهر أعدم ثلاثة عشر جنديا ألمانيا في «أسن» وثمان في «ليبزج»؛ لرفضهم الذهاب إلى الجبهة الشرقية. وفي فبراير 1942 أعدم ثلاثة وستون من الألمان في «نانسي» بفرنسا؛ لأنهم رفضوا الذهاب إلى خطوط القتال الروسية، وفي نفس الشهر هرب عشرة جنود في أثناء نقلهم بالسكة الحديد من أحد المراكز بفرنسا، وضبط واحد منهم فانتحر قبل محاكمته.

وثمة ظاهرة أخيرة تدل على مبلغ ما كان هناك من شعور عدائي مشترك بين أسرى الحرب الألمان نحو النازية وزعيمها أنه لم تكد السلطات السوفيتية في معسكرات أسرى الحرب تسمح بتأليف الجمعيات الأدبية للخطابة والمناظرة، وما إلى ذلك حتى انتهز هؤلاء الفرصة للخوض في مساوئ الوطنية الاشتراكية والتدمير الذي تم على أيدي الزعماء النازيين الذين ألقوا - تلبية لأطماعهم وخدمة لمآربهم الشخصية - بملايين الرجال من الألمان، ومن حلفائهم «المكرهين» على التعاون معهم إلى ميادين القتال.

وكان من المتوقع بطبيعة الحال أن تشجع السلطات السوفيتية هذه الحركة فسمحت بذهاب الوفود من الأسرى الألمان لزيارة أسرى الحرب الرومانيين وغيرهم؛ لنشر الدعوة ضد النازية وبيان مبلغ الأخطار التي تستهدف لها البلاد المحتلة من جراء تعاونها مع النازيين، وزيادة على ذلك أذنت السلطات السوفيتية بعقد اجتماعات كبيرة يحضرها مندوبون عن معسكرات أسرى الحرب جميعا؛ لتوضيح موقفهم من النازية وتوثيق العلاقات بين كافة أسرى الحرب على أساس التخلص من الهر هتلر والنازيين كخطوة لا غنى عنها لنشر ألوية السلام على أوروبا. وفي يناير 1943 اجتمع في أحد معسكرات أسرى الحرب في الروسيا مندوبون عن سائر معسكرات الأسرى بلغ عددهم 876، وكان معظم المندوبين من الألمان برئاسة «الأونباشي» ردولف وولف من برلين، ثم كثرت اجتماعات أسرى الحرب في الشهور التالية. فحدث في فبراير أن حضر إلى المعسكر رقم 95 حوالي مائة وتسعين مندوبا يمثلون 1242 من ضباط الصف في المعسكرات الأخرى. وبعد أسابيع قليلة - أي في أواخر مارس - عقد الأسرى الألمان الذين وقعوا في الأسر بين ديسمبر 1941 وفبراير 1942 اجتماعا في المعسكر رقم 74، واتخذوا قرارا طويلا، ختموه بعبارة رنانة: «لتسقط الحرب، وليسقط هتلر وعصابته، وليحي النضال من أجل ألمانيا الحرة!» وفي فبراير ومارس من العام نفسه أصدر ثمانية وعشرون ضابطا من أسرى الحرب الألمان في روسيا نداء طويلا أذاعته المحطات الروسية وكذلك المحطات السرية في الريخ الثالث عدة مرات، أوضح فيه الضباط لأبناء وطنهم كيف غرر هتلر وعصابته بأهل البلاد وزجوا بهم من أجل أطماعهم الجنونية في حرب يفنى فيها مئات الألوف من الشباب سدى، وأنه لا يمكن أن تنتهي ما دام هتلر في الحكم؛ لأنه لن يعقد إنسان أي صلح معه بينما تستطيع حكومة وطنية يؤيدها الجيش ويوليها الشعب ثقته أن تحصل لألمانيا على صلح خليق بأمة عظيمة، فكان هذا النداء دعوة صريحة للثورة على النازيين في ألمانيا.

وقد يتبادر إلى الذهن أن أسرى الحرب كانوا مدفوعين لظروفهم الخاصة إلى إظهار هذا العداء وهذا البغض نحو النازية وزعيمها، ولكن الحقيقة كانت على عكس ذلك تماما، بل إن هناك من الأمثلة الكثيرة الأخرى ما يكفي لإظهار مبلغ التصدع للجيش الألماني وقتذاك. ولعل من أخطر هذه الحوادث ما وقع في إقليم «الفوج» الفرنسي على الحدود الشرقية بين فرنسا وألمانيا في فبراير 1942، عندما التحم الجند الألمان مع حرس «هيملر» في معارك دموية كما حدث بالقرب من باريس في الوقت نفسه أن أعدم ثمانية من الجنود الألمان؛ لارتكابهم جريمتي التخريب ومحاولة الهرب. وفي «بار دوبيش» في تشيكوسلوفاكيا سار الجنود الألمان في مظاهرة كبيرة؛ فطافوا بشوارع المدينة وهم يصيحون: «نطلب الصلح ونريد العودة إلى الوطن.» فما لبث رجال «هيملر» أن حضروا مسرعين وأطلقوا الرصاص، فقتلوا من المتظاهرين ثمانية وجرحوا ثلاثين وألقوا القبض على ستين منهم. وحدث في أوائل عام 1943 أن اختفى فجأة عدد من القواد في ظروف غامضة كان من بينهم الجنرال «فون ريشناو» عدا غيره من كبار الضباط الألمان، وقد أذاعت المحطات السرية الحرة الألمانية وقتذاك تفصيلات عن ظروف اختفائهم ثم إعدامهم بعد ذلك. ويتبين من هذه التفصيلات أن أحد عشر ضابطا من كبار رجال الطيران الألماني الذين قتلهم «الجستابو» كانوا جميعا قد وقعوا بأسمائهم على «مذكرة» يعارضون فيها هيملر، فكان توقيعهم على هذه المذكرة السبب المباشر لسفك دمائهم.

وكان «هيملر» قد طلب في ذلك الحين أن يكون لدى فرق الحرس النازي من أصحاب القمصان السود

অজানা পৃষ্ঠা