ذكر انفراد الملك المعز عز الدين أيك الصالحي النجمي الجاشنكير المعروف بالتركماني، أحد البحرية النجمية، بالسلطنة
رتب الملك الأشرف بن الملك المسعود المعروف بابن أتسز في السلطنة بالديار المصرية، صيروا الأمير عز الدين المشار إليه أتابك العساكر، وفرضوا إليه أمر المماليك، وأضيف اسمه: إلى اسم الملك الأشرف في التواقيع والمناشير وسكة الدراهم والدنانير. واستمر الحال على ذلك. فامتدت أطماع الملك الناصر بن العزيز صاحب الشام، إلى فقد الديار المصرية وانتزاعها من أيدي البحرية، ثم تبع ذلك الإرجاف بما تواترت الأخبار بحركة التتار، ودخول هولاكوا بلاد العراق واستيلائه على تلك الآفاق. وكان الملك الأشرف مهتضم الجانب لصغر سنه وطفولته، فاجتمعت الآرا، واتفقت الأمرا، على استقلال الأمير عز الدين أيبك التركماني بالسلطنة، واستبداده وجلوسه فيها على انفراده. فاستقل بأمورها، وقام بتدبيرها، وأزيل عن الأشرف اسمها ورسمها، وأسقط ذكره من الخطبة، وأبطل اسمه من نقش السكة في شهور هذه السنة - أعني سنة خمسين وستماية. ولما استقل الملك المعز، شرع في تحصيل الأموال واستخدام الرجال، واستوزر شخصا من نظار الدواوين يسمى شرف الدين هبة الله بن صاعد الفايزي، كان من القبط الكتاب، فعدل عن أهل الكتاب وأسلم في الدولة الكاملية، فتقدم في المناصب الديوانية، فقرر أموالا على التجار ذوى اليسار وأرباب العقار، ورتب مكونا وضمانات، وسماها حقوقا ومعاملات. واستقرت وتزيدت الى يومنا هذا.
عند الخليفة المستعصم، ليصلح ما بين الملك الناصر صاحب الشام وبين الملك المعز صاحب مصر. فتقرر الصلح وترتب، ورجع الملك الناصر وعسكره إلى دمشق، وعاد المعز من الباردة الى قلعة الجبل.
دمشق مخطوبة من الملك الناصر، فبنى بها ودخل عليها.
صفحة ٦