النهار بالقاهرة ومصر وسائر أعمال الديار المصرية وخاصة في ثغر الاسكندرية وكانت عظيمة حتى ان الجذر تساقطت والجبال تشققت والمباني تهدمت والصخور تقطعت والمياه من خلال الأرض تفجرت ومادت الأرض من عليها وماجت المساكن بساكنيها وتشعشعت الأسوار والاركان وثار الصراخ بكل مكان وخرجت النساء حاسرات الى الطرقات وظن الناس انها أمانة الأحياء وقيامة الأموات وابتهلوا الى رب السموات لما عراهم من المخافات فادر كتهم رأفته وانقذتهم رحمته بان سكن زلزالها وخفف اهوالها ولو دامت ثلث ساعة من النهار لم تبق على الارض دار ولا ثبت بها جدار فكان تقصير مسافتها وتخفيف آفتها لطقا من الله بعباده ومئة على ساكني بلاده واثرت في البحرين العذب والاجاج واثارت فيهما الامواج وارتج كل منهما غاية الارتجاج) وكان تأثيرها قويا جدا بالاسكندرية والنواحي الغربية وهدمت بالثغر اكثر الابراج والاسوار ورمت جانبا وافرا من الميناء وفاض البحر الملح وطمى وتغطمط الماء واغرق قماش القضارين وكسر قوارب البخارين وقطع مراسي المراكب الفرنجية وطرح اكثرها إلى الأسوار والشعاب ولما عاين اهل الثغر هيجان البحار وانهدام المنار وتساقط المأذن والاسوار وتناثر الاحجار من الجدران وتداعي الاركان المشيدة البنيان بادروا مسرعين وخرجوا من باب السدرة هاربين ولما سكن الله حركتها واذهب رجفتها تراجعوا إلى أماكنهم وعادوا إلى مساكنهم وتواترت الأخبار بان الزلزلة المذكورة كانت قوية الأثر في البلاد الغربية والجزائر البحرية وجهات الفرنجية وانها ايضا حدثت في تلك الساعة وذلك النهار ببلاد الكرك والشوبك والسواد وتلك الاقطار.
الزلزلة حانوته عليه وظنه الناس قد مات واقام ثلاثة أيام ولياليها تحت الردم ثم نظف التراب ووجد الرجل سالما واخرج حيا سوا لانه تشبكت عليه الاخشاب وحملت عنه الطوب والتراب وسلمت له من حانوته جرة لبن فكان يقتات منها الى ان نظف عنه الردم.
في السنة القابلة .
خايفون وجلون ومن مكان إلى مكان ينتقلون ولمعاودة الزلزلة متوقعون فكان ذلك في الصيف فتوالت بعدها سموم تلفح فتشوي الوجوه حين تنفح ولم يمت مع ذلك الا نفر قليل بالقاهرة ومصر وثغر الاسكندرية.
سنة أربع وسبع مائة
صفحة ٣٧٩