يكن لك في أنطاكية في هذه المدة اقامة ولو كنت بها لكنت اما قتيلا واما أسيرا واما جريحا واما كسيرا وسلامة النفس هي التي تفرح الحي اذا شاهد الأموات ولعل الله ما أخرك الأ لأن تستدرك من الطاعة والخدمة ما فات ولما لم يسلم أحد يخبرك بما جرى م أخبرناك ولما لم يقدر أحد يباشرك بالبشرى بسلامة نفسك وهلاك ما سواها باشرناك بهذه المفاوضة وبشرناك لتحقق الأمر على ما جرى وبعد هذه المكاتبة لا ينبغي لك أن تكذب لنا خبرا كما أن بعد المخاطبة يجب أن لا تسأل غيرنا مخبرا.
الى سيس وهذه أنطاكية هي القرية التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم بقوله و واضرب لهم من أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون وبانيها أنطباخس واليه تنسب و كان و الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله قد فتحها كما ذكرنا من البرنس ارناط وقتله ثم ملكها البرنس المعروف بالأسير ومن بعده ولده سدو وبعده ولده بيمند ومنه أخذت الآن واستقرت في الممالك الاسلامية الى الدولة الناصرية ثم ان السلطان أمر بجمع المكاسب فجمع من الأموال والمصوغ ما لا يحصى كثرة وقسمت الغنايم على الأمراء والعساكر وتقاسموا السبايا والمواشي والنسوان والأطفال فلم يبق غلام الا وله غلام وبيع الصغير باثني عشر درهما فما حولها بين العسكر والكسابة وأمر باحراق قلعة أنطاكية فأحرفت وأما ما خصه من الغنايم فانه أفرده وأرصده لعمارة الجامع الذي أمر بانشايه بالحسينية فصرف عليه.
أهلها أن بأيديهم خطا من عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب له هدنة بما تقرر الحال عليه ولما فتحت هذه الحصون واستبيح من حماها المصون انهزمت الديوية من بغراس فتسلمها السلطان على يد الأمير شمس الدين القسنقر الفارقاني استاذ الدار في ثالث عشر رمضان ولم يوجد بها سوى امراة عجوز ووجدت عامرة بحواصلها وهذا الحصن نزل عليه الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين وحاصره) بالعسكر الحلبي سبعة أشهر ولم يأخذه فأخذه السلطان بغير تعب ولا نصب آلة لحصاره ولا نصب.
صفحة ١١٤