...ومن وفق لهم هذا المعنى يتحقق عنده التوحيد ويتخلص فإن الشرك ملزوم للتنقيص والتنقيص لازم له ضرورة شاء المشرك أو أبى ولكون الشرك منقصا للربوبية اقتضى حكمه تعالى وكمال ربوبيته أن لا يغفره ويخلد صاحبه في النار ولا تجد مشركا قط إلا وهو متنقص لله تعالى وإن زعم أنه يعظمه كما أنك لا تجد مبتدعا إلا وهو متنقص للرسول عليه السلام وإن زعم أنه معظم بالبدعة .
...بل يزعم بأنها خير من السنة وأولى بالصواب فهو مشاق لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم إن كان متبصرا في بدعته . وإن كان جاهلا مقلدا يزعم أنها هي السنة .
...قال ابن القيم في [ إغاثة اللهفان ] : ما أحسن ما قال مالك بن أنس رحمه الله : (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ) ولكن كلما ضعف تمسك الأمم بعهود أنبيائهم ونقص إيمانهم عوضوا عن ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك ولقد جرد السلف الصالح التوحيد وحموا جانبه حتى كان ( الصحابة والتابعون حين كان الحجرة النبوية منفصلة عن المسجد إلى زمن الوليد بن عبد الملك لا يدخل فيها أحد لا لصلاة ولا لدعاء ولا لشيء آخر مما هو من جنس العبادة ، بل كانوا يفعلون جميع ذلك في المسجد وكان) أحدهم إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أراد الدعاء استقبل القبلة وجعل ظهره إلى جدار القبر ثم دعا .
صفحة ٢٦