...ثم إنهم ينتشرون حول القبور طائفين ، تشبيها له بالبيت الحرام الذي جعله الله تعالى مباركا وهدى للعالمين ، ثم يأخذون في التقبيل والاستلام كما يفعل بالحجر الأسود في المسجد الحرام ثم يخرون على الجباه والخدود والله تعالى يعلم أنها لم تعفر كذلك بين يديه في السجود يكملون مناسك حج القبر بالتقصير والحلاق ويستمتعون من ذلك الوثن إذ لم يكن لهم نصيب عند من هو الخلاق ثم يقربون لذلك الوثن القرابين ، وتكون صلاتهم ونسكهم وقربانهم لغير الله رب العالمين ، ثم نراهم يهنئ بعضهم بعضا ويقول : أجز الله لنا ولكم أجرا وافرا .
...ثم إذا رجعوا يسألهم بعض غلاة المتخلفين أن يبيع لهم أحدهم ثواب حجة القبر بحجة البيت الحرام فيقول : لا ولو بحجك كل عام . هذا ولم نتجاوز فيما حكينا عنهم ولا استقصينا جميع بدعهم وضلالهم إذ هي فوق ما يخطر بالبال ويدور في الخيال وكل من شم أدنى رائحة من العلم والفقه يعلم أن من أهم الأمور سد ما هو ذريعة إلى هذا المحظور وأن صاحب الشرع أعلم بعاقبة ما يؤول إليه ما نهى عنه والخير والهدى في اتباعه وطاعته ، والشر والضلال في معصيته ومخالفته .
صفحة ١٤