لكن ما إن عاد الزير سالم من رحلة صيده الخلوية وافتقد مهره ذاك، عبر حوار شعري يجري بينه وبين اليمامة ابنة أخيه كليب، التي أخبرته بسطو وسرقة خالها جساس للمهر حين غاب الزير في صيده وقنصه عشرين يوما، وكان أن عاود الزير نصب الكمائن، واستخدام الحيل، والتنكر؛ لاسترداد حصان أخيه كليب من مرابط خيل جساس، مصطنعا هيئة أنه يعمل سايسا للخيل التي ستلازمه على طول هذه السيرة: «أنا من بلاد الصعيد، ومهنتي سياسة خيل الأماجيد.»
ومهنة سياسة الخيل هذه دفعت بالدكتور لويس عوض إلى الربط بين اسم المهلهل وهاملت اسم
Hippolytus
والمعنى الكامل للاسم «مروض الخيل»، بالإضافة إلى مشابهة فابيولات هيبوليت وزوجة أبيه فيدرا مع قصة المهلهل مع الجليلة بنت مرة؛ من حيث مطاردتها له ورغبتها في تدميره لصالح قبيلتها بالطبع، وكذا تشابه شخصية هيبوليت وشخصية المهلهل من حيث الفروسية والاعتكاف والخلوص للصيد والطراد.
ومع اختلافنا مع هذا الرأي حول تسمية المهلهل وإحاطته بهالة من التغريب تبعد بنا كثيرا عن روح هذا النص العربي - إن لم نقل: الفلسطيني الفينيقي - استنادا إلى أصوله وأرحامه التراثية الأسطورية التي ولد من رحمها في الشام وفلسطين.
هو ما سنتعرض له في حينه عقب الانتهاء من سرد التتابع الروائي لفصول هذه السيرة، واضطلاع الزير لاسترداد حصانه، ولنقل أقصى معدات حربه، وهي حصان خاصة العربي، الذي تحدثت عنه الإلياذة، حين نادى هكتور جياده العربية قائلا: «تعالوا الآن يا أغر ويا محجل ويا شعلة
3
ويا سني، ولا تنسوا رعاية أندروماك الحسناء لكم.»
فما إن استرد الزير حصانه وقتل آلاف الأبطال ورجع إلى الديار بالعز والانتصار، واستقبلته النساء بالدفوف والمزاهر، إلى أن جاءته أمه التي لا يرد ذكرها كلية في هذا النص إلا في هذا الموقف الذي تطالبه فيه برفع سيفه البتار عن بني مرة؛ فغضب منها وتوعدها بالقتل، بل والملفت في شعره التالي أنه يدعوها - أي أمه أيضا - باليمامة، كما يدعوها في شعره ب «أمية»،
4
صفحة غير معروفة