============================================================
حاتم اللغوي"(1). فاعتراض علماء السنة لم يكن على الكتاب، بل على مؤلفه.
ولذلك تسامحوا بتمرير محتوياته تحت اسم مؤلفي آخر.
المناظرة مع محعد بن زكريا الرازي يكرس أبو حاتم كتابا كاملا لمناظرة محمد بن زكريا الرازي، هو كتابه "أعلام النبوة". غير أنه في واقع الأمر لم يذكر خصمه بالاسم على الإطلاق، بل بقي يصر على تسميته ب "الملحد" . وقد أخبرنا أبو حاتم أن هذه المناظرات حصلت لافي دار بعض الرؤساء، وكان ذلك الرئيس مع قاضي البلد يتناظران في أمر بينهما، وهما بحيث نراهما". لكن أحد مرافقي أبي حاتم يسمي هذا الرئيس ب"الأمير"(2).
و نحن نعرف بالطبع أن هذا الخصم هو محمد بن زكريا الرازي، من أفكاره أولاا ومما نقله أحمد حميد الدين الكرماني في كتابه "الأقوال الذهبية" ، الذي كرسه الكرماني للرد على كتاب أبي بكر الرازي "الطب الروحاني". ويعتبر الكرماني نقض هذا الكتاب استكمالا للنقد الذي وجهه إليه أبو حاتم الرازي: "واستمرارا لخطأ عليه فيما وسم به كتابه، وفيما جرى بينه وبين الشيخ أبي حاتم الرازي صاحب الدعوة بجزيرة الري، في أيام مرداويج وحضرته في النبوة والمناسك الشرعية"(3).
أخذت المصادر الإسماعيلية وغير الإسماعيلية هذه الرواية مأخذ التسليم لا وبنت عليها أن "الأكابر" الذين تشير النصوص التاريخية إلى كونهم تأثروا بدعوة ابي حاتم هم مرداويج وأتباعه، وربطت بينهما بعلاقة هي أقرب إلى الخيال منها الى الواقع. ونحن سنبين فيما بعد أن الكرماني لا يمكن أن يكون مصدرا تاريخيا موثوقا ، لأن مشروعه في الأساس قائم على صهر التناقضات وإخفائها . فضلا عن أن علاقة أبي حاتم بمرداويج لم تكن ودية على الإطلاق. ومن المستحيل تاريخيا أن تجري مناظرة بين الرازيين، أبي حاتم وأبي بكر، في زمن مرداويج، لأن فترة (1) ينظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ص 950، 953، 956، 1009، 1288.
(2) أبو حاتم الرازي: أعلام النبوة ص 36.
(3) الكرماني : الأقوال الذهبية ص 15 .
صفحة ١٩