============================================================
يمدح رجلا ، يقول: تقطع ما قدرت، وتتمم ما ابتدأت، وبعض القوم يقدر ولا يقطع، ويبتدئ ولا يتمم. وإنما هو مثل، يعني: تمضي ما ابتدأت به من الأمور وتحكمها. وقال الكميت: [المنسرح] لم تجشم الخالقات فريتها ولم يغض من نطافها السرب(1) يعني بالخالقات: النساء اللواتي يقدرن من الأديم المزاد والقرب، فهن يخلقنه أو يقدرنه، وفريتها: قطعتها.
وإنما سمى نفسه عز وجل "خالقا" لأنه قدر الأشياء كلها ثم أمضاها، فهو ال الخالق في ابتدائه الخلق، الخلاق في تتميمه إياه إلى آخر الدهر بعلم وحكمة وصلاح، وخلقه تام مصلح لا فساد فيه. والخالق هو المقدر. يقال: خلق الشيء، إذا قدره بعلم ومعرفة وتدبير. وخرقه، إذا قدره بغير علم ولا معرفة ولا تدبير، فأفسده. ومن أجل ذلك قيل لمن لا يحسن العمل "أخرق"، والمرأة اخرقاء". قال الله عز وجل (خلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم [الأنعام: 100]، أي كان تقديره لهم عز وجل حين خلقهم بعلم وحكمة، وجبلهم على معرفته، وقدر عليهم أن يعرفوه ويوحدوه فأفسدوا ما قدره الله عز وجل لهم من فطرته إياهم، وقدروا له ما نسبوه إليه من البنين والبنات كذبأ بغير علم، بل جهلا وفسادا. فسمى فعله "خلقا"، إذ كان بعلم وحكمة، وسمى فعلهم "خرقا"، إذ كان جهلا وفسادا.
وروى أبو عبيد(2) بإسناد له عن مجاهد في قوله (خرقوا) : كذبوا. وقال أبوا عبيدة(3): خرقوا: اختلقوا الكذب وافتعلوه(4) . وقرأ أهل المدينة "خرقوا"، بالتشديد، والكسائي وأبو عمرو بالتخفيف. قال الله عز وجل في موضع آخر (وتخلقون إفكا [العنكبوت: 17]. قال أبو عبيدة: تقدرون كذبا وتخترصونه (1) ديوان الكميت ص 584 . وقال شارح الديوان : الخالقات: المقدرات، وهن الخارزات، ل والفرية: الخرز، والنطاف: الماء القليل، والسرب: الماء بين البثر والحوض (2) في م: أبو عبيدة.
(3) في م : أبو عبيد.
(4) أبو عبيدة : مجاز القرآن 203/1.
صفحة ٢٠٤