واعتدل زيتون في جلسته عندما مضت، وتنفس الصعداء، وحاول تهدئة نبضه المتسارع.
وقال لأحمد: «أريد أن أقابلها.»
واتفقا على أن يكون اللقاء في منزل أحمد ويوكو، على عشاء غير رسمي، وفي وجود أطفال أحمد ويوكو، وزخاري ابن كاثي. لن يكون الضغط كبيرا هنا، بل ستكون فرصة وحسب للمحادثة بينهما، وفرصة لكاثي أن تقابل ذلك الرجل الذي سأل عنها، ولم تكن قد حظيت حتى برؤيته إلى الآن.
وعندما رأته أحبت عينيه، وأحبت وجهه الوسيم ذا البشرة الذهبية، ولكنه كان محافظا أكثر مما ينبغي، كما كان في الرابعة والثلاثين ولم تتجاوز هي الحادية والعشرين، أي إن عمره كان أكبر كثيرا مما تخيلته في زوج المستقبل، وإلى جانب ذلك لم يكن قد مضى سوى عامين على انفصالها عن زوجها الأول، وكانت تشعر بأنها على غير استعداد للبداية من جديد، لم يخطر ببالها أنها في حاجة إلى شيء من الرجل، ولا شك في أنها تستطيع تربية زخاري بنفسها؛ إذ استطاعت أن تبني علاقة وثيقة معه، ولم تجد ما يدعوها إلى قلب توازن حياتها، ولم تكن تستطيع المخاطرة بالعودة إلى الفوضى التي أحدثها زواجها الأول.
وبعد أن غادر زيتون منزل أصدقائه في ذلك المساء، قالت كاثي ليوكو إنه رجل لطيف ولا شك، ولكنها لا تظن أن الزواج منه سينجح.
ولكنها كانت تقابله في بعض المناسبات في السنتين التاليتين؛ فقد يكون مدعوا إلى حفل شواء في الهواء الطلق في منزل أحمد ويوكو، ولكنه كان يغادر المكان عندما تصل احتراما لها؛ لأنه لم يكن يريدها أن تشعر بالحرج، ولكنه استمر يسأل عنها، وكان في كل عام يسأل يوكو بصورة عابرة عن أحوال كاثي؛ حتى يطمئن إلى أنها لم تغير رأيها.
وفي غضون ذلك كانت نظرة كاثي إلى الأمور تتطور، وإزاء تقدم زخاري في السن بدأ يراودها الشعور بالذنب ، كانت تأخذه للعب في المنتزه العام فترى غيره من الغلمان مع آبائهم. وهكذا بدأت تتساءل إن كان موقفها ينطوي على الأنانية، كانت تقول في نفسها: «الغلام يحتاج إلى والد.» هل كانت ظالمة حين استبعدت إمكان وجود صورة للأب في حياة زخاري؟ لم يكن ذلك يعني استعدادها لاتخاذ أي خطوة بناء على هذه الأفكار، ولكن الجليد في داخلها كان قد بدأ ينصهر ببطء. وعلى مر السنين، ووصول زخاري إلى عامه الثالث ثم الرابع، ازدادت تفتحا لقبول شخص جديد.
اتصلت كاثي بزيتون في أولى ساعات العصر.
ورد قائلا: «فلننتظر حتى تتضح الصورة!»
وقالت: «لم أتصل بك بسبب العاصفة.»
صفحة غير معروفة