ثم أعطى على بن أبى طالب خراسان إلى عبد الرحمن بن أبزى، وكان عبد الرحمن عاقلا متدينا مجاملا 8 للناس، استن سننا طيبة. وقد مات على رضى الله عنه وهو لا يزال فى خراسان، وتولى الحسن بن على- رضى الله تعالى عنهما- مكان والده، فاحتال معاوية ووسط عمرو بن العاص الذى جعل الحسن يغير رأيه ويخلع نفسه من الخلافة، وقال عمرو بن العاص لمعاوية: الحيلة هى أن يخلع الحسن نفسه على الملأ، ولم يستطع الحسن أن يقاوم معاوية أو يصمد أمام كيده؛ فقام وخطب فى الناس خطبة قال فيها :
" أيها الناس لقد حقن الله تعالى دماءكم، وقد أخذت لكم العهد والميثاق على معاوية أن يعدل بينكم وأن يوصل لكم أموال فيئكم، وألا يشغل بالمنصب، ولا يأخذكم بظلم أو حقد" 9.
ثم أدار وجهه إلى معاوية وقال: أيكون الأمر كذلك؟ فرد معاوية: نعم يكون، وقرأ الحسن هذه الآية: وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين وحينما سكت، عاتب معاوية عمرو بن العاص (وقال): لماذا أشرت على بهذا؟!
عبد الله بن عامر بن كريز
ولما بلغ معاوية مقصوده أعطى خراسان لعبد الله بن عامر، فجعل نائبا عنه فيها عبد الله بن خازم، وظل هناك حتى قدم عبد الله بن سمرة الأموى وفتح ثغر كابل وبلخ ثم رجع إلى العراق.
وفى عام ثلاثة وأربعين أرسل عبد الله بن عامر مجاشع بن مسعود إلى سيستان فاستولى على بست وأرض الداور، ثم اتجه صوب العراق، وحينما وصل إلى كرمان إلى المكان الذى كان يسمى كركان 10 ويسمونه الآن قصر مجاشع 11 اشتدت البرودة واستمر هطول الأمطار والثلوج إلى الحد الذى أعجز الحيوان والإنسان عن الحركة، وحبس الجميع هناك، فغاصوا تحت الثلوج، ولم ينج أحد بل هلكوا جميعا تحتها.
صفحة ١٦٦