القادر بالله
وهو أبو العباس أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر. كان أبو نصر بهاء الدولة ابن عضد الدولة عدوا للطائع، وكان دائما يتحدث عن مساوئه ويبحث عن عيوبه، وكان دائم التدبير ضده، ولكن لم يكن قد آن وقت القضاء.
وقد مكنت بنت بختيار- التى كانت زوجة للطائع- لأبى نصر، حتى دخل قصره، وحمل ما أراد من متاعه وخرج، وتواطأ مع الرعية، وخلعوا الطائع فى شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
وظلت الخلافة شاغرة ثلاثة وعشرين يوما فلم يكن أحد يصلح لها، وأرسل أبو نصر بهاء الدولة رسولا، فأحضروا أحمد بن إسحاق بن المقتدر من بطائح اليمن، وكان ينزل لدى أمير اليمن متنكرا، وقد أفاض فى إكرامه وعقد معه العهود، وفى اليوم الذى وصل فيه قاصدا بهاء الدولة كان قد شرب فى قصر أمير اليمن وناما ثملين، وحينما وصل هذا الخبر أعد له الأمير الركائب من الدواب والفرش والأوانى والخدم، وسيره من اليمن إلى بغداد معززا مكرما. وحينما وصل إلى بغداد أسماه (أبو نصر بهاء الدولة): القادر بالله، وولاه الخلافة. وكان القادر شديد الذكاء والمكر، مستنير الرأى، ولشدة مكره ودهائه سموه: ابن دمنة، وكان غاية فى الذكاء.
وحينما استقرت له أمور الخلافة أحضر الطائع لمنادمته، وأجرى أمورا كان أولها: أنه جعل ابنه أبا الفضل وليا لعهده، ولقبه: الغالب بالله، وأشهد حجاج خراسان وعظماء العراق على هذا.
ومات أبو الفوارس بن عضد الدولة فى بغداد فى جمادى الآخر سنة تسع وسبعين وثلاثمائة ، وجلس مكانه بهاء الدين وضياء الملة وغياث الأمة أبو نصر شقيق عضد الدولة، وأخرج الجيش الذى كان فى فارس مع صمصام الدولة وباكاليجار من قلعة كبول، واستولى على فارس وعاداه الترك.
صفحة ١٤٨