وقدم أبو شجاع إلى بغداد وأقام فيها، وأسمعوا أبا شجاع أخبارا عن بختيار، وأنه كان حقير النفس، وضيع الهمة، خسيس الطبع، فنصحه أبو شجاع عدة مرات ولكن دون فائدة، وكان أبو شجاع رجلا جادا مستنير الرأى ذكى الطبع، فحبس بختيار واستولى على أمواله وأعماله.
وحينما وصلت أخبار بختيار وأبى شجاع إلى عمهما الحسن بن بويه اغتم وتكدر، وبكى وأغلق الباب على نفسه 71، ولم يعط إذنا بالمثول بين يديه فى البلاط، وكتب رسالة، وأرسل رسولا إلى أبى شجاع هو أبو الفتح بن العميد، واهتم أبو الفتح اهتماما بالغا، فكف يد أبى شجاع عن بختيار، ورد إليه أمواله وولايته وكتب بختيار رسالة إلى العم يشكر فيها أبا شجاع، ورجع أبو شجاع إلى فارس.
ولقب الطائع أبا الفتح الكاتب بذى الكفايتين ويقولون: إن أبا شجاع كان رجلا متكبرا مغرورا، كتبوا له فى قصاصة: إن العسكر نزل فى قصر ولم يكن له حق فى النزول، فكتب أبو شجاع على ظهر القصاصة الجواب: سأريكم آياتي فلا تستعجلون 72 وكانت مكاتبات أبى الفتح بن العميد وأبى جعفر أحمد بن الحسين العتبى ذات منزلة؛ فقد توسط كلا الكاتبين بين آل بويه والسامانيين، وألقوا بينهم المودة والألفة وأزالوا الوحشة.
وكانوا يأتون إلى خراسان كل عام بمائتى ألف دينار من جرجان وطبرستان وقومش، وفى هذه الأثناء مرض الحسن بن بويه وضعف، فدعا أبا شجاع إليه، وظل هناك فترة، ومنح (الحسن) البلاد إلى بنيه، وأظهر نصيب كل واحد، وأعطى كل ما كان دفينا إلى أبى شجاع، ومات حينما قدم إلى مدينة الرى فى الخامس من محرم سنة ست وستين وثلاثمائة.
وفى عهد المطيع شق أبو على إلياس عصا الطاعة على الأمير الرشيد 73 واستولى على كرمان، وأرسل فناخسرو جيشا، ولم يستطع أبو على أن يفعل شيئا؛ والسبب فى خروج وعصيان أبى على: أنه حينما مات أبو المظفر عبد الله بن أحمد فى صغانيان جلس أبو على مكانه، ولما لم يتحقق له مراده خرج وأظهر العصيان، فوقع ما وقع.
صفحة ١٤٧