ولما كثرت (إغارة) جيوش المسلمين على أتباع بابك الخرمى ضعف بابك، وطلب العون من ملك الروم، وخرج ملك الروم لنصرة بابك، وضرب مدينة بطره 31 ورجع، وحينما علم المعتصم غضب ولم يقل شيئا، لأن الجيش كله كان مشغولا فى قتال بابك.
وحينما رجع الأفشين من حرب بابك، سأله المعتصم: أى بلاد الروم أغنى؟
فقال: عمورية، فهى عاصمة ملك الروم. فأمر المعتصم فأعدوا لغزو الروم الأسلحة المتنوعة، والمنجنيق، وحياض الأديم 32، وآلات الحرب والسفر، على نحو لم يفعله خليفة قط، ورحل عن بغداد، ودخل طرسوس وعبأ الجيش، وقصد عمورية، ودخل بلاد الروم، وحينما وصل إلى النهر الكبير قسم الجيش إلى ثلاث فرق، ذهب هو مع الأولى، والثانية أعطاها لأشناس، والثالثة أعطاها للأفشين وقال:" نذهب فى طرق مختلفة ونغزو ونجتمع فى عمورية، وحينما تفرق هذا الفوج، أخبروا المعتصم أن ملك الروم قد غادر المكان فكتب المعتصم إلى الجيش رسالة (قال فيها):" اثبتوا فى أماكنكم حتى أصل إليكم، والتحم ملك الروم مع الأفشين وتحاربا فهزم الأفشين ملك الروم، ورجع إلى المعتصم، وسر المعتصم برجوع الأفشين ووصول الخبر (بالنصر)، واتجه الجيش جميعه صوب عمورية وحاصروها، وكانت قلعتها منيعة، شديدة الإحكام بنيت كلها بالحجر، وكان هناك كسر فى مكان سبب تصدعا فيها، فاستولوا على القلعة، وأسروا أميرها باطس، وهدموها، وحملوا منها أموالا عظيمة.
ومن هناك اتجهوا صوب العراق، وفى الطريق عصا عجيف وعمرو المعتصم، وبايعوا العباس بن المأمون، وحولوا القوم عن المعتصم وصمموا أن يقبضوا عليه، فبحثوا عن فرصة ولم يتفقوا، حتى وصل الخبر إلى المعتصم، فقبض عليهم جميعا، وقتلهم، وأمر فأطعموا العباس طعاما كثيرا، ثم أمر أن يمنعوا الماء عنه حتى مات عطشا، أما الآخرون فقد عاقبهم بعقوبات مختلفة، وقتلهم.
صفحة ١٣٤