وأمر أن يذهب طاهر إلى الرقة، ليحارب نصر بن شبث، وذهب طاهر وحاصر الرقة على نصر وحاربه. وفى هذا الوقت خرج رجل بالكوفة اسمه محمد بن إبراهيم ابن الحسين بن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم، وكانوا يلقبونه بابن طباطبا، دعا الناس إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وسلم. وكان أبو السرايا غلام هرثمة قد أسقط الحسن بن سهل اسمه من دفاتر الجند ولم يوفر له الرزق، كما أسقط اسم الكثير من حشم بغداد، فذهبوا جميعا مع أبى السرايا إلى الكوفة، وجهروا بدعوة ابن طباطبا وناصر العلويين، وكان أبو السرايا من عظماء الخوارج، فهو من أبناء هانى بن قبيصة الشيبانى، فأرسل الحسن بن سهل زهير بن المسيب على رأس ألفى فارس لحرب أبى السرايا، فهزمهم أبو السرايا وقتل الكثير منهم واستولى على أموالهم ودوابهم وأسلحتهم، وغضب أبو السرايا حينما طلب ابن طباطبا هذه الأموال منه فلم يعطها له، ودس له السم فمات فى ليلته. وأجلس أبو السرايا طفلا علويا اسمه محمد بن على بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم، فأرسل الحسن بن سهل لمدد زهير عبيد الله المرورودى على رأس أربعة آلاف رجل، فقدم أبو السرايا، وحارب، فقتل عبيدا، وهزم جيشه، واستدعى العلويين من الأطراف، ووقف بنفسه بجانب هذا العلوى، وأسماه أمير المؤمنين، وأسقط اسم المأمون من الخطبة، وجعل البياض لون الثياب والعلم، وكتب على الدرهم: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، واستولى على البلاد من الكوفة حتى واسط، وهرب منه عبد الله بن سعيد الحرشى أمير واسط، وحينما جاء موسم الحج أرسل شخصا إلى مكة أخرج أمير المأمون، ثم فعل بالمدينة كما فعل بمكة، وأفسد الحج على الناس.
وأرسلوا هرثمة لحرب أبى السرايا، وقالوا: هذا غلامك، لعلك تستطيع أن تقبض عليه. فأخذ هرثمة من أبى السرايا الكوفة وواسط والمدائن ودخل البصرة، وأرسل الحسن بن سهل سعيدا 23 على رأس جيش خراسانى، وعين الحسين بن على البادغيسى قائدا عليهم، وحارب الحسين أبا السرايا وهزمه، واعتصم أبو السرايا فى منزله بالجزيرة، وكان حماد الكندى أمير الجزيرة من قبل الحسن بن سهل، وحينما اعتصم أبو السرايا فى منزله بالجزيرة قبض عليه حماد وسجنه مع كل من كان معه، وأرسلهم إلى الحسن بن سهل، فأمر الحسن فضربوا رقابهم وأرسلوا رأس أبى السرايا إلى المأمون، وأرسل أيضا زيد النار العلوى 24، وكان زيد هذا فظا غليظ القلب، فقد كان يأمر بأن يرمى فى النار كل من يأتونه به من الأسرى، وأعطى الحسن ابن سهل إمارة اليمن إلى المعتصم أخى المأمون، وحاربه جرير العقيلى، ومات جرير بعد هزيمته فى طريق اليمن، وحينما استراح قلب المأمون من أمر أبى السرايا أعطى الحسن بن سهل إمارة الشام إلى هرثمة بن أعين، ولكن هرثمة رفض، وطلب أن يمثل أمام المأمون، فلم يأذن الحسن له، فذهب هرثمة من الكوفة إلى همدان دونما إذن من الحسن، وعرج من هناك إلى خراسان، وقال: سأقول مقولتى بين يدى أمير المؤمنين.
صفحة ١٣٢